كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا لَهُ وَقَالَ اِسْتَغْفِرُوا لَهُ وَقَدْ دَخَلَ الْجَنَّة فَهُوَ يَطِير فِيهَا بِجَنَاحَيْنِ حَيْثُ شَاءَ " وَالْحَدِيث مُرْسَل ، وَالْوَاقِدِيّ ضَعِيف جِدًّا وَاَللَّه أَعْلَم .
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : النَّجَاشِيّ رَجُل مُسْلِم قَدْ آمَنَ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَّقَهُ عَلَى نُبُوَّته إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَكْتُم إِيمَانه ، وَالْمُسْلِم إِذَا مَاتَ يَجِب عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ بَيْن ظَهْرَانَيْ أَهْل الْكُفْر وَلَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَقُوم بِحَقِّهِ فِي الصَّلَاة عَلَيْهِ ، فَلَزِمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَفْعَل ذَلِكَ إِذْ هُوَ نَبِيّه وَوَلِيّه وَأَحَقّ النَّاس بِهِ ، فَهَذَا وَاَللَّه أَعْلَم هُوَ السَّبَب الَّذِي دَعَاهُ إِلَى الصَّلَاة عَلَيْهِ بِظَهْرِ الْغَيْب ، فَإِذَا صَلَّوْا عَلَيْهِ اِسْتَقْبَلُوا الْقِبْلَة وَلَمْ يَتَوَجَّهُوا إِلَى بَلَد الْمَيِّت إِنْ كَانَ فِي غَيْر الْقِبْلَة اِنْتَهَى .
قُلْت : قَوْله إِنَّهُ كَانَ يَكْتُم إِيمَانه مَنْظُور فِيهِ .
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَقَدْ ذَهَبَ بَعْض الْعُلَمَاء إِلَى كَرَاهَة الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت الْغَائِب وَزَعَمُوا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَخْصُوصًا بِهَذَا الْفِعْل إِذْ كَانَ فِي حُكْم الْمُشَاهِد لِلنَّجَاشِيِّ . لِمَا رُوِيَ فِي بَعْض الْأَخْبَار أَنَّهُ قَدْ سُوِّيَتْ لَهُ الْأَرْض حَتَّى يُبْصِر مَكَانه ، وَهَذَا تَأْوِيل فَاسِد ، لِأَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ أَفْعَال الشَّرِيعَة كَانَ عَلَيْنَا الْمُتَابَعَة وَالِائْتِسَاء بِهِ وَالتَّخْصِيص لَا يُعْلَم إِلَّا بِدَلِيلِ . وَمِمَّا يُبَيِّن ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ بِالنَّاسِ إِلَى الصَّلَاة فَصَفّ بِهِمْ وَصَلَّوْا مَعَهُ ، فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا التَّأْوِيل فَاسِد اِنْتَهَى .
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْل : لَمْ يَأْتِ الْمَانِعُونَ مِنْ الصَّلَاة عَلَى الْغَائِب بِشَيْءٍ يُعْتَدّ بِهِ سِوَى الِاعْتِذَار بِأَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوص بِمَنْ كَانَ فِي أَرْض لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ فِيهَا وَهُوَ أَيْضًا جُمُود عَلَى قِصَّة النَّجَاشِيّ يَدْفَعهُ الْأَثَر وَالنَّظَر وَاَللَّه أَعْلَم .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ .@
الصفحة 21