كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)
أَنْ يَدْخُل الْمَيِّت مِنْ قِبَل رِجْلَيْ الْقَبْر أَيْ مَوْضِع رِجْلَيْ الْمَيِّت مِنْهُ عِنْد وَضْعه فِيهِ ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة : إِنَّهُ يَدْخُل الْقَبْر مِنْ جِهَة الْقِبْلَة مُعَرَّضًا إِذْ هُوَ أَيْسَر ، وَاتِّبَاع السُّنَّة أَوْلَى مِنْ الرَّأْي . وَقَدْ اُسْتُدِلَّ لِأَبِي حَنِيفَة بِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود وَبُرَيْدَةَ أَنَّهُمْ أَدْخَلُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِهَة الْقِبْلَة ، وَيُجَاب بِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ ضَعَّفَهَا .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ التِّرْمِذِيّ تَحْسِين حَدِيث اِبْن عَبَّاس مِنْهَا ، وَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَدَاره عَلَى الْحَجَّاج بْن أَرْطَاة . قَالَ فِي ضَوْء النَّهَار عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَة إِلَى التَّضْعِيف بِذَلِكَ ، لِأَنَّ قَبْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ كَانَ عَنْ يَمِين الدَّاخِل إِلَى الْبَيْت لَاصِقًا بِالْجِدَارِ وَالْجِدَار الَّذِي أُلْحِدَ تَحْته هُوَ الْقِبْلَة فَهُوَ مَانِع مِنْ إِدْخَال النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ مِنْ جِهَة الْقِبْلَة ضَرُورِيّ . قَالَهُ فِي النَّيْل .
وَقَالَ فِي سُبُل السَّلَام : وَفِي الْمَسْأَلَة ثَلَاثَة أَقْوَال : الْأَوَّل مَا ذَكَرَ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد ، وَالثَّانِي يُسَلّ مِنْ قِبَل رَأْسه لِمَا رَوَى الشَّافِعِيّ عَنْ الثِّقَة مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ سَلَّ مَيِّتًا مِنْ قِبَل رَأْسه وَهَذَا أَحَد قَوْلَيْ الشَّافِعِيّ ، وَالثَّالِث لِأَبِي حُنَيْفَة أَنَّهُ يُسَلّ مِنْ قِبَل الْقِبْلَة مُعْتَرِضًا إِذْ هُوَ أَيْسَر .
قُلْت : بَلْ وَرَدَ بِهِ النَّصّ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس مَا هُوَ نَصّ فِي إِدْخَال الْمَيِّت مِنْ قِبَل الْقِبْلَة وَأَنَّهُ حَدِيث حَسَن فَيُسْتَفَاد مِنْ الْمَجْمُوع أَنَّهُ فِعْل مُخَيَّر فِيهِ اِنْتَهَى وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ@
الصفحة 29