كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء فهذا بيع للثمن ممن هو في ذمته قبل قبضه
فما الفرق بينه وبين الاعتياض عن دين السلم بغيره قالوا وقد نص أحمد على جواز بيع الدين لمن هو في ذمته ولغيره وإن كان أكثر أصحابنا لا يحكون عنه جوازه لغير من هو في ذمته فقد نص عليه في مواضع حكاه شيخنا أبو العباس بن تيمية رحمه الله عنه
والذين منعوا جواز بيعه لمن هو في ذمته قاسوه على السلم وقالوا لأنه دين فلا يجوز بيعه كدين السلم وهذا ضعيف من وجهين
أحدهما أنه قد ثبت في حديث ابن عمر جوازه
والثاني أن دين السلم غير مجمع على منع بيعه فقد ذكرنا عن ابن عباس جوازه ومالك يجوز بيعه من غير المستسلف
والذين فرقوا بين دين السلم وغيره لم يفرقوا بفرق مؤثر والقياس التسوية بينهما
وأما المقام الثاني فقالوا أما الحديث فالجواب عنه من وجهين
أحدهما ضعفه كما تقدم
والثاني أن المراد به أن لا يصرف المسلم فيه إلى سلم آخر أو يبيعه بمعين مؤجل لأنه حينئذ يصير بيع دين بدين وهو منهى عنه وأما بيعه بعوض حاضر من غير ربح فلا محذور فيه كما أذن فيه النبي في حديث ابن عمر
فالذي نهي عنه من ذلك هو من جنس ما نهى عنه من بيع الكالىء بالكالىء والذي يجوز منه هو من جنس ما أذن فيه من بيع النقد لمن هو في ذمته بغيره من غير ربح
وأما نهي النبي عن بيع الطعام قبل قبضه فهذا إنما هو

الصفحة 356