كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)
لا معارض لها وضع الثمن عن المشتري إذا أصابتها جائحة
مع هذا يجوز التصرف فيها
ولو تلقت لصارت مضمونة عليه بالثمن الذي أخذه كما هي مضمونة له بالثمن الذي دفعه
قالوا وأما قولكم إن المنع منه إجماع فكيف يصح دعوى الإجماع مع مخالفة حبر الأمة ابن عباس وعالم المدينة مالك بن أنس فثبت أنه لا نص في التحريم ولا إجماع ولا قياس وأن النص والقياس يقتضيان الإباحة كما تقدم والواجب عند التنازع الرد إلى الله وإلى رسوله
وأما المسألة الثانية وهي إذا انفسخ العقد بإقالة أو غيرها فهل يجوز أن يأخذ عن دين السلم عوضا من غير جنسه فيه وجهان
أحدهما لا يجوز ذلك حتى يقبضه ثم يصرفه فيما شاء وهذا اختيار الشريف أبي جعفر
وهو مذهب أبي حنيفة
والثاني يجوز أخذ العوض عنه وهو إختيار القاضي أبي يعلي وشيخ الإسلام ابن تيمية وهو مذهب الشافعي وهو الصحيح فإن هذا عوض مستقر في الذمة فجازت المعاوضة عليه كسائر الديون من القرض وغيره
وأيضا فهذا مال رجع إليه بفسخ العقد فجاز أخذ العوض عنه كالثمن في المبيع
وأيضا فحديث ابن عمر في المعاوضة عما في الذمة صريح في الجواز
واحتج المانعون بقوله من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره
قالوا ولأنه مضمون على المسلم إليه بعقد السلم فلم تجز المعاوضة عليه قبل قبضه وحيازته كالمسلم فيه
قال المجوزون أما استدلالكم بالحديث فقد تقدم ضعفه
ولو صح لم يتناول محل النزاع لأنه لم يصرف المسلم فيه في غيره وإنما عاوض عن دين السلم بغيره فأين المسلم فيه من رأس مال السلم
وأما قياسكم المنع على نفس المسلم فيه فالكلام فيه أيضا وقد تقدم أنه لا نص يقتضي المنع منه ولا إجماع ولا قياس
ثم لو قدر تسليمه لكان الفرق بين المسلم فيه ورأس مال السلم واضحا فإن المسلم