كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

فيه مضمون بنفس العقد والثمن إنما يضمن بعد فسخ العقد فكيف يلحق أحدهما بالآخر فثبت أنه لا نص في المنع ولا إجماع ولا قياس
فإذا عرف هذا فحكم رأس المال بعد الفسخ حكم سائر الديون لا يجوز أن تجعل سلما في شيء آخر لوجهين
أحدهما أنه بيع دين بدين
والثاني أنه من ضمان المسلم إليه فإذا جعله سلما في شيء آخر ربح فيه وذلك ربح ما لم يضمن ويجوز فيه ما يجوز في دين القرض وأثمان المبيعات إذا قسمت فإذا أخذ فيه أحد النقدين عن الآخر وجب قبض العوض في المجلس لأنه صرف بسعر يومه لأنه غير مضمون عليه وإن عاوض عن المكيل بمكيل أو عن الموزون بموزون من غير جنسه كقطن بحرير أو كتان وجب قبض عوضه في مجلس التعويض وإن بيع بغير مكيل أو موزون كالعقار والحيوان فهل يشترط القبض في مجلس التعويض فيه وجهان
أصحهما لا يشترط وهو منصوص أحمد
والثاني يشترط
وما أخذ القولين أن تأخير قبض العوض يشبه بيع الدين بالدين فيمنع منه ومأخذ الجواز وهو الصحيح أن النساءين مالا يجمعها علة الربا كالحيوان بالموزون جائز للاتفاق على جواز سلم النقدين في ذلك والله أعلم
ونظير هذه المسألة إذا باعه ما يجري فيه الربا كالحنطة مثلا بثمن مؤجل فحل الأجل فاشترى بالثمن حنطة أو مكيلا آخر من غير الجنس مما يمتنع ربا النساء بينهما فهل يجوز ذلك فيه قولان
أحدهما المنع وهو المأثور عن ابن عمر وسعيد بن المسيب وطاووس وهو مذهب مالك وإسحاق
والثاني الجواز
وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة وابن المنذر وبه قال جابر بن زيد وسعيد بن جبير وعلي بن الحسين وهو اختيار صاحب المغني وشيخنا
والأول اختيار عامة الأصحاب
والصحيح الجواز لما تقدم

الصفحة 361