كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)
شَيْء مِنْهُ وَمَنْع دُخُول غَيْره فِيهِ اِنْتَهَى
( وَصُرِفَتْ الطُّرُق )
: بِضَمِّ الصَّاد الْمُهْمَلَة وَكَسْر الرَّاء الْمُخَفَّفَة وَالْمُشَدَّدَة أَيْ بُيِّنَتْ مَصَارِفهَا وَشَوَارِعهَا . قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ . وَقَالَ الْقَارِيّ : أَيْ بُيِّنَت الطُّرُق بِأَنْ تَعَدَّدَتْ وَحَصَلَ لِكُلِّ نَصِيب طَرِيق مَخْصُوص
( فَلَا شُفْعَة )
: قَالَ الْقَارِيّ : أَيْ بَعْد الْقِسْمَة ، فَعَلَى هَذَا تَكُون الشُّفْعَة لِلشَّرِيكِ دُون الْجَار وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِيّ ، وَأَمَّا مَنْ يَرَى الشُّفْعَة لِلْجِوَارِ لِأَحَادِيث وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَب أَبِي حَنِيفَة وَأَصْحَابه يَقُول إِنَّ قَوْله فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُود لَيْسَ مِنْ الْحَدِيث بَلْ شَيْء زَادَهُ جَابِر اِنْتَهَى .
قُلْت : رُدّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْأَصْل أَنَّ كُلّ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيث فَهُوَ مِنْهُ حَتَّى يَثْبُت الْإِدْرَاج بِدَلِيلٍ ، وَوُرُود ذَلِكَ فِي حَدِيث غَيْره مُشْعِر بِعَدَمِ الْإِدْرَاج كَمَا فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة الْآتِيَة .
وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ : الْحُدُود جَمْع حَدّ وَهُوَ الْفَاصِل بَيْن الشَّيْئَيْنِ وَهُوَ هُنَا مَا يَتَمَيَّز بِهِ الْأَمْلَاك بَعْد الْقِسْمَة فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُود أَيْ بُيِّنَتْ أَقْسَام الْأَرْض الْمُشْتَرَكَة بِأَنْ قُسِّمَتْ وَصَارَ كُلّ نَصِيب مُنْفَرِدًا فَلَا شُفْعَة ، لِأَنَّ الْأَرْض بِالْقِسْمَةِ صَارَتْ غَيْر مَشَاعَة دَلَّ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَة تَخْتَصّ بِالْمَشَاعِ وَأَنَّهُ لَا شُفْعَة لِلْجَارِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ اِنْتَهَى .
وَقَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ : وَهَذَا الْحَدِيث أَبْيَن فِي الدَّلَالَة عَلَى نَفْي الشُّفْعَة لِغَيْرِ الشَّرِيك مِنْ الْحَدِيث الْأَوَّل ، وَكَلِمَة إِنَّمَا يُعْمَل تَرْكِيبهَا فَهِيَ مُثْبَتَة لِلشَّيْءِ الْمَذْكُور نَافِيَة لِمَا سِوَاهُ ، فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا شُفْعَة فِي الْمَقْسُوم .
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُود وَصُرِفَتْ الطُّرُق @
الصفحة 367