كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)
3054 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( أَفْلَسَ )
: قَالَ فِي النِّهَايَة : أَفْلَسَ الرَّجُل إِذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ مَال أَوْ مَعْنَاهُ صَارَتْ دَرَاهِمه فُلُوسًا ، وَقِيلَ صَارَ إِلَى حَال يُقَال لَيْسَ مَعَهُ فَلْس
( بِعَيْنِهِ )
: أَيْ لَمْ يَتَغَيَّر بِصِفَةٍ مِنْ الصِّفَات وَلَا بِزِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَان
( فَهُوَ أَحَقّ بِهِ )
: أَيْ فَالرَّجُل أَحَقّ بِمَتَاعِهِ
( مِنْ غَيْره )
: أَيْ كَائِنًا مَنْ كَانَ وَارِثًا أَوْ غَرِيمًا ، وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُور ، وَخَالَفَتْ الْحَنَفِيَّة فِي ذَلِكَ فَقَالُوا لَا يَكُون الْبَائِع أَحَقّ بِالْعَيْنِ الْمَبِيعَة الَّتِي فِي يَد الْمُفْلِس بَلْ هُوَ كَسَائِرِ الْغُرَمَاء ، وَلَهُمْ أَعْذَار عَنْ الْعَمَل بِهَذَا الْحَدِيث ، فَإِنْ شِئْت الْوُقُوف عَلَيْهَا فَعَلَيْك بِمُطَالَعَةِ الْفَتْح وَالنَّيْل . وَقَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيّ : وَهَذَا سُنَّة النَّبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالَ بِهَا كَثِير مِنْ أَهْل الْعِلْم ، وَقَدْ قَضَى بِهَا عُثْمَان بْن عَفَّانَ وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَلَا نَعْلَم لَهُمَا مُخَالِف فِي الصَّحَابَة ، وَهُوَ قَوْل عُرْوَة بْن الزُّبَيْر وَبِهِ قَالَ مَالِك وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق . وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَة وَابْن شُبْرُمَةَ هُوَ أُسْوَة الْغُرَمَاء .
وَقَالَ بَعْض مَنْ يُحْتَجّ لِقَوْلِهِمْ : هَذَا مُخَالِف لِلْأُصُولِ الثَّابِتَة وَلِمَعَانِيهَا ، وَالْمُبْتَاع قَدْ مَلَكَ السِّلْعَة وَصَارَتْ مِنْ ضَمَانه فَلَا يَجُوز أَنْ يُنْقَض عَلَيْهِ مِلْكه ، وَتَأَوَّلُوا الْخَبَر عَلَى الْوَدَائِع وَالْبُيُوع الْفَاسِدَة وَنَحْوهَا .
قَالَ الْخَطَّابِيّ : فَالْحَدِيث إِذَا صَحَّ وَثَبَتَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَيْسَ إِلَّا التَّسْلِيم لَهُ ، وَكُلّ حَدِيث أَصْل بِرَأْسِهِ وَمُعْتَبَر بِحُكْمِهِ فِي نَفْسه ، فَلَا يَجُوز أَنْ يُعْتَرَض عَلَيْهِ بِسَائِرِ الْأُصُول الْمُخَالِفَة لَهُ أَوْ يَجْتَرِئ إِلَى إِبْطَاله بِعَدَمِ النَّظِير لَهُ وَقِلَّة الْأَشْبَاه فِي نَوْعه . وَهَا هُنَا أَحْكَام خَاصَّة وَرَدَتْ بِهَا أَحَادِيث فَصَارَتْ أُصُولًا كَحَدِيثِ الْجَنِين وَحَدِيث الْقَسَامَة وَالْمُصَرَّاة ، وَرَوَى أَصْحَاب الرَّأْي حَدِيث النَّبِيذ وَحَدِيث الْقَهْقَهَة فِي الصَّلَاة وَهُمَا مَعَ ضَعْف سَنَدهمَا مُخَالِفَانِ لِلْأُصُولِ فَلَمْ يَمْتَنِعُوا @
الصفحة 372