كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

قال ابن المنذر أجع العلماء على أن من اشترى طعاما فليس له بيعه حتى يقبضه وحكى ذلك عن غير واحد من أهل العلم إجماعا
وأما ما حكي عن عثمان البتي من جوازه فإن صح فلا يعتد به
فأما غير الطعام فاختلف فيه الفقهاء على أقوال عديدة
أحدها أنه يجوز بيعه قبل قبضه مكيلا كان أو موزونا وهذا مشهور مذهب مالك
واختاره أبو ثور وابن المنذر
والثاني أنه يجوز بيع الدور والأرض قبل قبضها وما سوى العقار فلا يجوز بيعه قبل القبض وهذا مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف
والثالث ما كان مكيلا أو موزونا فلا يصح بيعه قبل القبض سواء أكان مطعوما أم لم يكن وهذا يروى عن عثمان رضي الله عنه وهو مذهب ابن المسيب والحسن والحكم وحماد والأوزاعي وإسحاق وهو المشهور من مذهب أحمد بن حنبل
والرابع أنه لا يجوز بيع شيء من المبيعات قبل قبضه بحال وهذا مذهب ابن عباس ومحمد بن الحسن وهو إحدى الروايات عن أحمد
وهذا القول هو الصحيح الذي نختاره
وقد اختلف أصحاب أحمد في المنع من بيع المكيل والموزون قبل قبضه على ثلاثة طرق
أحدها أن المراد ما تعلق به حق التوفية بالكيل أو الوزن كرطل من زبرة أو قفيز من صبرة وهذه طريقة القاضي وصاحب المحرر وغيرهما وعلى هذا فمنعوا بيع ما يتعلق به حق توفية وإن لم يكن مكيلا ولا موزونا كمن اشترى ثوبا على أنه عشرة أذرع أو قطيعا كل شاة بدرهم
والطريقة الثانية أن المراد به ما كان مكيل الجنس وموزونه وإن اشتراه جزافا كالصبر وزبرة الحديد ونحوهما
والطريقة الثالثة أن المراد به المكيل والموزون من المطعوم والمشروب نص

الصفحة 382