كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

والقياس المذكور حتى لو لم ترد النصوص العامة لكان قياسه على الطعام دليلا على المنع والقياس في هذا يمكن تقديره من طريقين
أحدهما قياس بإبداء الجامع ثم للمتكلمين فيه طريقان
أحدهما أنه قياس تسوية
والثاني أنه قياس أولوية
والثاني من الطريقين الأولين قياس بإلغاء الفارق فإنه لا فارق بين الطعام وغيره في ذلك إلا ما لا يقتضي الحكم وجودا ولا عدما فافتراق المجلس فيها عديم التأثير
يوضحه أن المسالك التي اقتضت المنع من بيع الطعام قبل قبضه موجودة بعينها في غيره كما سيأتي بيانه
قال المخصصون للمنع تعليق النهي عن ذلك الطعام يدل على أنه هو العلة لأن الحكم لو تعلق بالأعم لكان الأخص عديم التأثير فكيف يكون المنع عاما فيعلقه الشارع بالخاص
قال المعممون لا تنافي بين الأمرين فإن تعليق الحكم بعموم المبيعات مستقل بإفادة التعميم وتعليقه بالخاص يحتمل أن يكون لاختصاص الحكم به فثبت التعارض ويحتمل أن يكون لغرض دعا إلى التعيين من غير اختصاص الحكم به إما لحاجة المخاطب وإما لأن غالب التجارة حينئذ كانت بالمدينة فيه فخرج ذكر الطعام مخرج الغالب فلا مفهوم له وهذا هو الأظهر فإن غالب تجارتهم بالمدينة كانت في الطعام ومن عرف ما كان عليه القوم من سيرتهم عرف ذلك فلم يكن ذكر الطعام لاختصاص الحكم به ولو لم يكن ذلك هو الأظهر لكان محتملا فقد تعارض الاحتمالان والأحاديث العامة لا معارض لها فتعين القول بموجبها
قال المخصصون لا يمكنكم القول بعموم المنع فإنه قد ثبت بالسنة جواز التصرف في غير الطعام قبل قبضه بالبيع وهو الاستبدال بالثمن قبل قبضه والمصارفة عليه

الصفحة 384