كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

قال المعممون الجواب من وجهين
أحدهما الفرق بين الثمن في الذمة والمبيع المتعين من وجوه ثلاثة
أحدها أن الثمن مستقر في الذمة لا يتصور تلفه والبيع ليس كذلك نعم لو كان الثمن معينا لكان بمنزلة المبيع المتعين
الثاني أن بيع الثمن ها هنا إنما هو ممن في ذمته ليس تبعا لغيره فلو باع الثمن قبل القبض لغير من هو في ذمته لم يجز في أحد قولى الشافعي وهو الذي رجحه الرافعي وغيره من أصحابه
الثالث أن العلل التي لأجلها امتنع العقد على المبيع قبل قبضه منتفية في الثمن بأسرها
فإن المآخذ ثلاثة إما عدم استقرار المبيع وكونه عرضه للتلف وانفساخ العقد وهذه العلة مأمونة بكون الثمن في الذمة
وأما إن علق البائع لم تنقطع عن المبيع وهذه العلة أيضا منتفية ها هنا وإما أنه عرضة للربح وهو مضمون على البائع فيؤدي إلى ربح ما لم يضمن
وهذه العلة أيضا منتفية في الثمن فإنه إنما يجوز له الاستبدال به بسعر يومه كما شرطه النبي لئلا يربح فيما لم يضمن
ولا يمكن إن يقال مثل هذا في السلع لأنه إنما اشتراها للربح فلو منعناه من بيعها إلا بمثل الثمن لم يكن في الشراء فائدة بخلاف الأثمان فإنها لم توضع لذلك وإنما وضعت رؤوسا للأموال لا موردا للكسب والتجارة
قال المخصصون قد سلمتم نفوذ العتق قبل القبض وهو تصرف يزيل الملك فما الفرق بينه وبين البيع الناقل للملك
قال المعممون الفرق بينهما أن الشارع جعل للعتق من القوة والسراية والنفوذ ما لم يجعل لغيره حتى أدخل الشقص الذي للشريك في ملك العتق قهرا وأعتقه عليه قهرا وحتى أعتق عليه ما لم يعتقه لقوته ونفوذه فلا يصح إلحاق غيره من التصرفات به

الصفحة 385