كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

بَعْد إِسْلَام زَوْجهَا فَأَقَرَّهُمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( إِنَّ أَبَا سُفْيَان )
: تَعْنِي زَوْجهَا وَاسْمه صَخْر بْن حَرْب اِبْن أُمَيَّة بْن عَبْد شَمْس بْن عَبْد مَنَافٍ
( رَجُل شَحِيح )
: أَيْ بِخَيْلِ حَرِيص وَهُوَ أَعَمّ مِنْ الْبُخْل لِأَنَّ الْبُخْل مُخْتَصّ بِمَنْعِ الْمَال وَالشُّحّ يَعُمّ مَنْع كُلّ شَيْء فِي جَمِيع الْأَحْوَال . كَذَا فِي الْفَتْح
( مَا يَكْفِينِي )
: أَيْ مِقْدَار مَا يَكْفِينِي مِنْ النَّفَقَة
( وَبَنِيَّ )
: بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الضَّمِير الْمَنْصُوب
( أَنْ آخُذ مِنْ مَاله شَيْئًا )
: أَيْ بِغَيْرِ عِلْمه وَإِذْنه
( بِالْمَعْرُوفِ )
: أَيْ مَا يَعْرِفهُ الشَّرْع وَيَأْمُر بِهِ وَهُوَ الْوَسَط الْعَدْل قَالَهُ الْقَارِيّ . وَقَالَ فِي الْفَتْح : الْمُرَاد بِالْمَعْرُوفِ الْقَدْر الَّذِي عُرِفَ بِالْعَادَةِ أَنَّهُ الْكِفَايَة اِنْتَهَى .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَفِيهِ جَوَاز أَنْ يَقْتَضِي الرَّجُل مِنْ مَال عِنْده لِرَجُلٍ لَهُ عَلَيْهِ حَقّ يَمْنَعهُ مِنْهُ ، وَسَوَاء كَانَ ذَلِكَ مِنْ جِنْس حَقّه أَوْ مِنْ غَيْر جِنْسه ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْلُومًا أَنَّ مَنْزِل الرَّجُل الشَّحِيح لَا يَجْمَع كُلّ مَا يَحْتَاج إِلَيْهِ مِنْ النَّفَقَة وَالْكِسْوَة وَسَائِر الْمَرَافِق الَّتِي تَلْزَمهُ لَهُمْ ، ثُمَّ أَطْلَقَ إِذْنهَا فِي أَخْذ كِفَايَتهَا وَكِفَايَة أَوْلَادهَا مِنْ مَاله ، وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ وَصِحَّته قَوْلهَا فِي غَيْر هَذِهِ الرِّوَايَة " إِنَّ أَبَا سُفْيَان رَجُل شَحِيح وَإِنَّهُ لَا يُدْخِل عَلَى بَيْتِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي " اِنْتَهَى . وَلِلْحَدِيثِ فَوَائِد اِسْتَوْفَاهَا الْحَافِظ فِي الْفَتْح .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ .@

الصفحة 390