كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)
خِلَاف ظَاهِره وَأَحْوَجَك إِلَى أَنْ تَفْعَل فِعْلًا تَكْرَههُ اِنْتَهَى
( قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي حَدِيث الزُّهْرِيّ )
: وَحَدِيثه عِنْد الشَّيْخَيْنِ
( قَالَ بَعْضهمْ أَكُلّ بُنَيّك وَقَالَ بَعْضهمْ وَلَدك )
: لَا مُنَافَاة بَيْنهمَا لِأَنَّ لَفْظ الْوَلَد يَشْمَل الذُّكُور وَالْإِنَاث ، وَأَمَّا لَفْظ الْبَنِينَ فَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا فَظَاهِر وَإِنْ كَانُوا إِنَاثًا وَذُكُورًا فَعَلَى سَبِيل التَّغْلِيب قَالَهُ الْحَافِظ
( وَقَالَ اِبْن أَبِي خَالِد )
: هُوَ إِسْمَاعِيل وَحَدِيثه عِنْد مُسْلِم فِي الْفَرَائِض
( وَقَالَ أَبُو الضُّحَى )
: وَحَدِيثه عِنْد النَّسَائِيِّ .
قَالَ النَّوَوِيّ : فِيهِ اِسْتِحْبَاب التَّسْوِيَة بَيْن الْأَوْلَاد فِي الْهِبَة ، فَلَا يُفَضِّل بَعْضهمْ عَلَى بَعْض سَوَاء كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إِنَاثًا . قَالَ بَعْض أَصْحَابنَا : يَنْبَغِي أَنْ يَكُون لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ ، وَالصَّحِيح الْأَوَّل لِظَاهِرِ الْحَدِيث ، فَلَوْ وَهَبَ بَعْضهمْ دُون بَعْض فَمَذْهَب الشَّافِعِيّ وَمَالِك وَأَبِي حَنِيفَة رَحِمَهُمْ اللَّه أَنَّهُ مَكْرُوه وَلَيْسَ بِحَرَام وَالْهِبَة صَحِيحَة . وَقَالَ أَحْمَد وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاق رَحِمَهُمْ اللَّه وَغَيْرهمْ هُوَ حَرَام وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ " لَا أَشْهَد عَلَى جَوْر " وَبِقَوْلِهِ " وَاعْدِلُوا بَيْن أَوْلَادكُمْ " وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِمَا جَاءَ فِي رِوَايَة " فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي " وَلَوْ كَانَ حَرَامًا أَوْ بَاطِلًا لَمَا قَالَ هَذَا ، وَبِقَوْلِهِ " فَأَرْجِعهُ " وَلَوْ لَمْ يَكُنْ نَافِذًا لَمَا اِحْتَاجَ إِلَى الرُّجُوع . فَإِنْ قِيلَ قَالَهُ تَهْدِيدًا ، قُلْنَا الْأَصْل خِلَافه ؛ وَيُحْمَل عِنْد الْإِطْلَاق صِيغَة فِعْل عَلَى الْوُجُوب أَوْ النَّدْب ، وَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى الْإِبَاحَة . وَأَمَّا مَعْنَى الْجَوْر فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ حَرَام لِأَنَّهُ هُوَ الْمَيْل عَنْ الِاسْتِوَاء وَالِاعْتِدَال ؛ وَكُلّ مَا خَرَجَ عَنْ الِاعْتِدَال فَهُوَ جَوْر سَوَاء كَانَ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا ذَكَرَهُ فِي الْمِرْقَاة .@
الصفحة 401