كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

بطل سواء كانا صحيحين أو فاسدين لمصلحة العقد أو لغير مصلحته أخذا بظاهر الحديث وعملا بعمومه وأما أصحاب الشافعي وأبي حنيفة فلم يفرقوا بين الشرط والشرطين وقالوا يبطل البيع بالشرط الواحد لنهي النبي عن بيع وشرط وأما الشروط الصحيحة فلا تؤثر في العقد وإن كثرت وهؤلاء ألغوا التقييد بالشرطين ورأوا أنه لا أثر له أصلا
وكل هذه الأقوال بعيدة عن مقصود الحديث غير مرادة منه
فأما القول الأول وهو أن يشترط حمل الحطب وتكسيره وخياطة الثوب وقصارته ونحو ذلك فبعيد فإن اشتراط منفعه البائع في البيع إن كان فاسدا فسد الشرط والشرطان
وإن كان صحيحا فأي فرق بين منفعة أو منفعتين أو منافع لا سيما والمصححون لهذا الشرط قالوا هو عقد قد جمع بيعا وإجارة وهما معلومان لم يتضمنا غررا
فكانا صحيحين
وإذا كان كذلك فما المواجب لفساد الإجارة على منفعتين وصحتها على منفعة وأي فرق بين أن يشترط على بائع الحطب حملة أو حملة ونقله أو حمله وتكسيره
وأما التفسير الثاني وهو الشرطان الفاسدان فأضعف وأضعف لأن الشرط الواحد الفاسد منهي عنه
فلا فائدة في التقييد بشرطين في بيع وهو يتضمن زيادة في اللفظ وإيهاما لجواز الواحد
وهذا ممتنع على الشارع مثله
لأنه زيادة مخلة بالمعنى
وأما التفسير الثالث وهو أن يشترط أنه إن باعها فهو أحق بها بالثمن وأن ذلك يتضمن شرطين أن لا يبيعها لغيرها وأن تبيعه إياها بالثمن فكذلك أيضا فإن كل واحد منهما إن كان فاسدا فلا أثر للشرطين وإن كان صحيحا لم تفسد بانضمامه إلى صحيح مثله كاشتراط الرهن والضمين واشتراط التأجيل والرهن ونحو ذلك

الصفحة 405