كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربآ وقد روى عن ابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس أنهم نهوا عن قرض جر منفعة وكذلك إن شرط أن يؤجره داره أو يبيعه شيئا لم يجز لأنه سلم إلى الربا
ولهذا نهى عنه النبي ولهذا منع السلف رضي الله عنهم من قبول هدية المقترض إلا أن يحتسبها المقرض من الدين
فروى الأثرم أن رجلا كان له على سماك عشرون درهما فجعل يهدي إليه السمك ويقومه حتى بلغ ثلاثة عشر درهما فسأل ابن عباس فقال أعطه سبعة دراهم
وروي عن ابن سيرين أن عمر أسلف أبي بن كعب عشرة آلاف درهم فأهدى إليه أبي من ثمرة أرضه فردها عليه ولم يقبلها فأتاه أبي فقال لقد علم أهل المدينة أني من أطيبهم ثمرة وأنه لا حاجة لنا
فبم منعت هديتنا ثم أهدى إليه بعد ذلك فقبل فكان رد عمر لما توهم أن تكون هديته بسبب القرض
فلما تيقن أنها ليست بسبب القرض قبلها
وهذا فصل النزاع في مسألة هدية المقترض
وقال زر بن حبيش قلت لأبي بن كعب إني أريد أن أسير إلى أرض الجهاد إلى العراق فقال إنك تأتي أرضا فاش بها الربا فإن أقرضت رجلا قرضا فأتاك بقرضك ليؤدي إليك قرضك ومعه هدية فاقبض قرضك واردد عليه هديتهذكرهن الأثرم
وفي صحيح البخاري عن أبي بردة بن أبي موسى قال قدمت المدينة فلقيت عبد الله بن سلام فذكر الحديث وفيه ثم قال لي إنك بأرض فيها الربا فاش فإذا كان لك على رجل دين فأهدى إليك حمل تبن أو حمل قت أو حمل شعير فلا تأخذه فإنه ربا
قال ابن أبو موسى ولو أقرضه قرضا ثم استعمله عملا لم يكن يستعمله مثله قبل القرض كان قرضا جر منفعه قال ولو استضاف غريمه ولم تكن العادة جرت بينهما بذلك حسب له ما أكله
واحتج له صاحب المغني بما روى ابن ماجه في سننه عن أنس قال قال رسول الله إذا اقترض أحدكم قرضا فأهدى إليه أو حمله على دابته فلا يركبها ولا يقبله إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك

الصفحة 408