كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)
والذين ردوا حديثه ظنوا أنه معارض لحديث جابر الذي رواه أبو سلمة عنه الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة
وفي الحقيقة لا تعارض بينهما فإن منطوق حديث أبي سلمة انتفاء الشفعة عند تميز الحدود وتصريف الطرق واختصاص كل ذي ملك بطريق ومنطوق حديث عبد الملك إثبات الشفعة بالجوار عند الاشتراك في الطريق ومفهومه انتفاء الشفعة عند تصريف الطرق فمفهومه موافق لمنطوق حديث أبي سلمة وأبي الزبير ومنطوقه غير معارض له وهذا بين وهو أعدل الأقوال في المسألة
فإن الناس في شفعة الجوار طرفان ووسط
فأهل المدينة وأهل الحجاز وكثير من الفقهاء ينفونها مطلقا
وأهل الكوفة يثبتونها عند الاشتراك في حق من حقوق الملك كالطريق والماء ونحوه وينفونها عند تميز كل ملك بطريقه حيث لا يكون بين الملاك اشتراك
وعلى هذا القول تدل أحاديث جابر منطوقها ومفهومها ويزول عنها التضاد والاختلاف ويعلم أن عبد الملك لم يرو ما يخالف رواية غيره
والأقوال الثلاثة في مذهب أحمد وأعدلها وأحسنها هذا القول الثالث والله الموفق للصواب