كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

بِجَمِيعِ لُغَات الْعَرَب وَيَعْرِف أَقَاوِيل الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فِي الْأَحْكَام وَمُعْظَم فَتَاوَى فُقَهَاء الْأُمَّة حَتَّى لَا يَقَع حُكْمه مُخَالِفًا لِأَقْوَالِهِمْ ، فَيَأْمَن فِيهِ خَرْق الْإِجْمَاع ، فَإِذَا عَرَفَ مِنْ كُلّ نَوْع مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاع فَهُوَ مُجْتَهِد ، وَإِذَا لَمْ يَعْرِفهَا فَسَبِيله التَّقْلِيد اِنْتَهَى .
قُلْت : فِي قَوْله فَسَبِيله التَّقْلِيد نَظَر ، فَتَأَمَّلْ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا .
3104 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( حَتَّى يَنَالهُ )
: أَيْ إِلَى أَنْ يُدْرِك الْقَضَاء
( ثُمَّ غَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ )
: أَيْ كَانَ عَدْله فِي حُكْمه أَكْثَرَ مِنْ ظُلْمه كَمَا يُقَال غَلَبَ عَلَى فُلَان الْكَرَم أَيْ هُوَ أَكْثَرُ خِصَاله وَظَاهِره أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْط الْأَجْر الَّذِي هُوَ الْجَنَّة أَنْ لَا يَحْصُل مِنْ الْقَاضِي جَوْر أَصْلًا ، بَلْ الْمُرَاد أَنْ يَكُون جَوْره مَغْلُوبًا بِعَدْلِهِ ، فَلَا يَضُرّ صُدُور الْجَوْر الْمَغْلُوب بِالْعَدْلِ ، إِنَّمَا الَّذِي يَضُرّ وَيُوجِب النَّار أَنْ يَكُون الْجَوْر غَالِبًا لِلْعَدْلِ . قَالَهُ الْقَاضِي الشَّوْكَانِيُّ .
وَنَقَلَ الْقَارِي عَنْ التُّورْبَتْشِيّ أَنَّ الْمُرَاد مِنْ الْغَلَبَة فِي كِلَا الصِّيغَتَيْنِ أَنْ تَمْنَعهُ إِحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى ، فَلَا يَجُور فِي حُكْمه يَعْنِي فِي الْأَوَّل وَلَا يَعْدِل يَعْنِي فِي الثَّانِي .@

الصفحة 432