كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

قَالَ الْقَارِي : وَلَهُ مَعْنًى ثَانٍ وَهُوَ أَنْ يَكُون الْمُرَاد مِنْ عَدْله وَجَوْره ، صَوَابه وَخَطَؤُهُ فِي الْحُكْم بِحَسَب اِجْتِهَاده فِي مَا لَا يَكُون فِيهِ نَصّ مِنْ كِتَاب أَوْ سُنَّة أَوْ إِجْمَاع ، كَمَا قَالُوهُ فِي حَقّ الْمُفْتِي وَالْمُدَرِّس ، وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث " إِنَّ اللَّه مَعَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَحِفْ عَمْدًا " اِنْتَهَى .
وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ .
3105 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
{ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ - إِلَى قَوْله - الْفَاسِقُونَ }
: هَذِهِ الْآيَات فِي سُورَة الْمَائِدَة
( نَزَلَتْ فِي يَهُود خَاصَّة )
: قَالَ فِي فَتْح الْوَدُود : يَعْنِي لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُسْلِم بِالْجَوْرِ يَصِير كَافِرًا اِنْتَهَى .
قَالَ الشَّيْخ عَلَاء الدِّين الْخَازِن فِي تَفْسِيره : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَات الثَّلَاث وَهِيَ قَوْله { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ } { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ } { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ } فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ : إِنَّ الْآيَات الثَّلَاث نَزَلَتْ فِي الْكُفَّار وَمَنْ غَيَّرَ حُكْمَ اللَّه مِنْ الْيَهُود لِأَنَّ الْمُسْلِم وَإِنْ اِرْتَكَبَ كَبِيرَة لَا يُقَال إِنَّهُ كَافِر ، وَهَذَا قَوْل اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك .
وَيَدُلّ عَلَى صِحَّة هَذَا الْقَوْل مَا رُوِيَ عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب قَالَ " أَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ } { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ } { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ } فِي الْكُفَّارِ كُلّهَا " أَخْرَجَهُ مُسْلِم .@

الصفحة 433