كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

السِّنّ )
: أَيْ وَالْحَال أَنِّي صَغِير الْعُمْر قَلِيل التَّجَارِب
( وَلَا عِلْم لِي بِالْقَضَاءِ )
: قَالَ الْمُظْهِرُ : لَمْ يُرِدْ بِهِ نَفْيَ الْعِلْم مُطْلَقًا وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يُجَرِّبْ سَمَاعَ الْمُرَافَعَة بَيْن الْخُصَمَاء وَكَيْفِيَّة رَفْع كَلَام كُلّ وَاحِد مِنْ الْخَصْمَيْنِ وَمَكْرهمَا
( إِنَّ اللَّهَ سَيَهْدِي قَلْبك وَيُثَبِّت لِسَانك )
: قَالَ الطِّيبِيُّ : السِّين فِي قَوْله سَيَهْدِي كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ } فَإِنَّ السِّينَ فِيهِمَا صَحِبَ الْفِعْل لِتَنْفِيسِ زَمَان وُقُوعه ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حِين بَعَثَهُ قَاضِيًا كَانَ عَالِمًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّة كَمُعَاذٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ . وَقَوْله أَنَا حَدِيث السِّنّ اِعْتِذَارٌ مِنْ اِسْتِعْمَال الْفِكْر وَاجْتِهَاد الرَّأْي مِنْ قِلَّة تَجَارِبِهِ ، وَلِذَلِكَ أَجَابَ بِقَوْلِهِ " سَيَهْدِي قَلْبَك " أَيْ يُرْشِدك إِلَى طَرِيق اِسْتِنْبَاط الْمَسَائِل بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّة فَيَشْرَح صَدْرك وَيُثَبِّت لِسَانَك فَلَا تَقْضِي إِلَّا بِالْحَقِّ
( فَلَا تَقْضِيَنَّ )
: أَيْ لِلْأَوَّلِ مِنْ الْخَصْمَيْنِ
{ فَإِنَّهُ }
أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ كَيْفِيَّة الْقَضَاء
( أَحْرَى )
: أَيْ حَرِيّ وَجَدِير وَحَقِيق
( أَنْ يَتَبَيَّن لَك الْقَضَاء )
: أَيْ وَجْهُهُ
( قَالَ )
: أَيْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ
( أَوْ مَا شَكَكْت فِي قَضَاء )
: شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي
( بَعْدُ )
: أَيْ بَعْد دُعَائِهِ وَتَعْلِيمه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَالْحَدِيث دَلِيل عَلَى أَنَّهُ يَحْرُم عَلَى الْحَاكِم أَنْ يَحْكُم قَبْل سَمَاع حُجَّة كُلّ وَاحِد مِنْ الْخَصْمَيْنِ وَاسْتِفْصَال مَا لَدَيْهِ وَالْإِحَاطَة بِجَمِيعِهِ . قَالَ الْقَاضِي الشَّوْكَانِيُّ : فَإِذَا قَضَى قَبْل السَّمَاع مِنْ أَحَد الْخَصْمَيْنِ كَانَ حُكْمه بَاطِلًا فَلَا يَلْزَم قَبُوله ، بَلْ يَتَوَجَّه عَلَيْهِ نَقْضُهُ وَيُعِيدهُ عَلَى وَجْه الصِّحَّة أَوْ يُعِيدهُ حَاكِم آخَر اِنْتَهَى .@

الصفحة 441