كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

مِنْهُمْ لَوْ سُمِّيَ ، كَيْف وَشُهْرَة أَصْحَاب مُعَاذ بِالْعِلْمِ وَالدِّين وَالْفَضْل وَالصِّدْق بِالْمَحَلِّ الَّذِي لَا يَخْفَى وَلَا يُعْرَف فِي أَصْحَابه مُتَّهَم وَلَا كَذَّاب وَلَا مَجْرُوحٌ بَلْ أَصْحَابه مِنْ أَفَاضِل الْمُسْلِمِينَ وَخِيَارهمْ لَا يَشُكّ أَهْل الْعِلْم بِالنَّقْلِ فِي ذَلِكَ ، كَيْف وَشُعْبَة حَامِل لِوَاء هَذَا الْحَدِيث ، وَقَدْ قَالَ بَعْض أَئِمَّة الْحَدِيث إِذَا رَأَيْت شُعْبَة فِي إِسْنَاد حَدِيث فَاشْدُدْ يَدَيْك بِهِ :
قَالَ أَبُو بَكْر الْخَطِيب : وَقَدْ قِيلَ إِنَّ عُبَادَةَ بْن نُسَيّ رَوَاهُ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن غَنْم عَنْ مُعَاذ ، وَهَذَا إِسْنَاد مُتَّصِل وَرِجَاله مَعْرُوفُونَ بِالثِّقَةِ عَلَى أَنَّ أَهْل الْعِلْم قَدْ نَقَلُوهُ وَاحْتَجُّوا بِهِ فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى صِحَّته عِنْدهمْ ، كَمَا وَقَفْنَا عَلَى صِحَّة قَوْل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ " لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ " وَقَوْله فِي الْبَحْر " هُوَ الطَّهُور مَاؤُهُ وَالْحِلّ مَيْتَتُهُ " وَقَوْله " إِذَا اِخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الثَّمَن وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا الْبَيْعَ " وَقَوْله " الدِّيَة عَلَى الْعَاقِلَة " وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيث لَا تَثْبُت مِنْ جِهَة الْإِسْنَاد وَلَكِنْ لَمَّا نَقَلَهَا الْكَافَّة عَنْ الْكَافَّة غَنُوا بِصِحَّتِهَا عِنْدهمْ عَنْ طَلَبِ الْإِسْنَاد لَهَا ، فَكَذَلِكَ حَدِيث مُعَاذ لَمَّا اِحْتَجُّوا بِهِ جَمِيعًا غَنُوا عَنْ طَلَب الْإِسْنَاد لَهُ اِنْتَهَى كَلَامه .
وَقَدْ جَوَّزَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَجْتَهِد رَأْيه ، وَجَعَلَ لَهُ عَلَى خَطَئِهِ فِي اِجْتِهَاد الرَّأْي أَجْرًا وَاحِدًا إِذَا كَانَ قَصْده مَعْرِفَة الْحَقّ وَاتِّبَاعه ، وَقَدْ كَانَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُونَ فِي النَّوَازِل وَيَقِيسُونَ بَعْض الْأَحْكَام عَلَى بَعْض ، وَيَعْتَبِرُونَ النَّظِير بِنَظِيرِهِ .
قَالَ أَسَد بْن مُوسَى : حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ زُبَيْد الْيَمَامِيّ عَنْ طَلْحَة بْن مُصَرِّف عَنْ مُرَّة الطَّيِّب عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب كَرَّمَ اللَّه وَجْهه فِي الْجَنَّة " كُلّ قَوْم عَلَى بَيِّنَة مِنْ أَمْرهمْ وَمَصْلَحَة مِنْ أَنْفُسهمْ يَزِرُونَ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَيُعْرَف الْحَقُّ بِالْمُقَايَسَةِ عِنْد ذَوِي الْأَلْبَاب " وَقَدْ رَوَاهُ الْخَطِيب وَغَيْره مَرْفُوعًا وَرَفْعُهُ غَيْر صَحِيح @

الصفحة 454