كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

الشِّرْبِينِيّ : وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ الْيَمِين إِنَّمَا تَكُون إِذَا كَانَا مِنْ غَيْرنَا ، فَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ فَلَا يَمِين . وَعَنْ غَيْره : إِنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ عَلَى حَقِيقَتهمَا فَقَدْ نُسِخَ تَحْلِيفهمَا وَإِنْ كَانَا الْوَصِيَّيْنِ فَلَا ، ثُمَّ شَرَطَ لِهَذَا الْحَلِف شَرْطًا فَقَالَ اِعْتِرَاضًا بَيْن الْقَسَم وَالْمُقْسَم عَلَيْهِ ( إِنْ اِرْتَبْتُمْ ) : أَيْ شَكَكْتُمْ أَيّهَا الْوَرَثَة فِي قَوْل الشَّاهِدَيْنِ وَصِدْقهمَا فَحَلِّفُوهُمَا وَهَذَا إِذَا كَانَا كَافِرَيْنِ أَمَّا إِذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ ، فَلَا يَمِين عَلَيْهِمَا لِأَنَّ تَحْلِيف الشَّاهِد الْمُسْلِم غَيْر مَشْرُوع ، قَالَهُ الْخَازِن . ثُمَّ ذَكَرَ الْمُقْسَم عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( لَا نَشْتَرِي بِهِ ) : أَيْ بِالْقَسَمِ ( ثَمَنًا ) : الْجُمْلَة مُقْسَم عَلَيْهِ أَيْ لَا نَبِيع عَهْد اللَّه بِشَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا ، وَلَا نَحْلِف بِاَللَّهِ كَاذِبَيْنِ لِأَجْلِ عِوَض نَأْخُذهُ أَوْ حَقّ نَجْحَدهُ ، وَلَا نَسْتَبْدِل بِهِ عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا بَلْ قَصَدْنَا بِهِ إِقَامَة الْحَقّ ( وَلَوْ كَانَ ) : الْمَشْهُود لَهُ وَمَنْ نُقْسِم لَهُ ( ذَا قُرْبَى ) : ذَا قَرَابَة مِنَّا لَا نَحْلِف لَهُ كَاذِبًا ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْقُرْبَى بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْمَيْل إِلَيْهِمْ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرهمْ { وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ } : أَيْ الشَّهَادَة الَّتِي أَمَرَ اللَّه بِإِقَامَتِهَا { إِنَّا إِذًا لَمِنْ الْآثِمِينَ } أَيْ إِنْ كَتَمْنَا الشَّهَادَة أَوْ خُنَّا فِيهَا . وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذَا الْآيَة صَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاة الْعَصْر وَدَعَا تَمِيمًا وَعَدِيًّا وَحَلَّفَهُمَا عَلَى الْمِنْبَر بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَنَّهُمَا لَمْ يَخُونَا شَيْئًا مِمَّا دُفِعَ إِلَيْهِمَا ، فَحَلَفَا عَلَى ذَلِكَ فَخَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبِيلهمَا ثُمَّ ظَهَرَ الْإِنَاء بَعْد ذَلِكَ ، قَالَ اِبْن عَبَّاس وُجِدَ الْإِنَاء بِمَكَّة فَقَالُوا اِشْتَرَيْنَاهُ مِنْ تَمِيم وَعَدِيّ .
( فَإِنْ عُثِرَ ) : اُطُّلِعَ بَعْد حَلِفهمَا ، وَكُلّ مَنْ اِطَّلَعَ عَلَى أَمْر كَانَ قَدْ خَفِيَ عَلَيْهِ قِيلَ لَهُ قَدْ عَثَرَ عَلَيْهِ ( عَلَى أَنَّهُمَا اِسْتَحَقَّا إِثْمًا ) : يَعْنِي الْوَصِيَّيْنِ وَالْمَعْنَى فَإِنْ حَصَلَ الْعُثُور وَالْوُقُوف عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّيْنِ كَانَا اِسْتَوْجَبَا الْإِثْمَ بِسَبَبِ خِيَانَتهمَا وَأَيْمَانهمَا الْكَاذِبَة ( فَآخَرَانِ ) : فَشَاهِدَانِ آخَرَانِ مِنْ أَوْلِيَاء الْمَيِّت وَأَقْرِبَائِهِ ( يَقُومَانِ مَقَامهمَا ) : خَبَر لِقَوْلِهِ فَآخَرَانِ ، أَيْ مَقَام الْوَصِيَّيْنِ فِي الْيَمِين ( مِنْ الَّذِينَ اِسْتُحِقَّ ) : @

الصفحة 477