كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( أَلَا آذَنْتُمُونِي بِهِ )
: أَيْ أَخْبَرْتُمُونِي بِمَوْتِهِ لِأُصَلِّيَ عَلَيْهِ
( قَالَ )
: النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( دُلُّونِي )
: بِضَمِّ الدَّال أَمْر مِنْ الدَّلَالَة
( فَصَلَّى عَلَيْهِ )
: أَيْ عَلَى قَبْره .
قَالَ الْحَافِظ زَادَ اِبْن حِبَّان فِي رِوَايَة حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ ثَابِت ثُمَّ قَالَ " إِنَّ هَذِهِ الْقُبُور مَمْلُوءَة ظُلْمَة عَلَى أَهْلهَا وَإِنَّ اللَّه يُنَوِّرهَا عَلَيْهِمْ بِصَلَاتِي " وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ بَعْض الْمُخَالِفِينَ اِحْتَجَّ بِهَذِهِ الزِّيَادَة عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيق خَارِجَة بْن زَيْد بْن ثَابِت نَحْو هَذِهِ الْقِصَّة وَفِيهَا " ثُمَّ أَتَى الْقَبْر فَصَفَفْنَا خَلْفه وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا " قَالَ اِبْن حِبَّان : فِي تَرْك إِنْكَاره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ صَلَّى مَعَهُ عَلَى الْقَبْر بَيَان جَوَاز ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصه ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي يَقَع بِالتَّبَعِيَّةِ لَا يَنْهَض دَلِيلًا لِلْأَصَالَةِ اِنْتَهَى .
قُلْت : لَا يَلِيق بِشَأْنِ الْحَافِظ أَنْ يَنْقُل قَوْل هَذَا الْمُتَعَقِّب ، فَإِنَّ قَوْله هَذَا غَلَط بَاطِل ، وَيَكْفِي لِرَدِّهِ قَوْله تَعَالَى { وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ } وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَفِيهِ بَيَان جَوَاز الصَّلَاة عَلَى الْقَبْر لِمَنْ لَمْ يَلْحَق الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت قَبْل الدَّفْن ، وَفِي الصَّلَاة اِخْتِلَاف ، فَمِنْ الْعُلَمَاء مَنْ قَالَ يُصَلَّى عَلَى الْقَبْر مَا لَمْ يَبْلَ صَاحِبه ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِلَى شَهْر ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ أَبَدًا اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَابْن مَاجَهْ .
تَعْلِيقُ الْحَافِظِ ابْنِ الْقَيِّمِ :
وَقَدْ رَوَى مُسْلِم فِي صَحِيحه عَنْ أَنَس " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى قَبْر " . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ " مَاتَ إِنْسَان كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودهُ - فَذَكَرَ الْحَدِيث - وَفِيهِ : فَصَلَّى عَلَيْهِ " وَلَكِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيث إِنَّمَا تَدُلّ عَلَى قَوْل اِبْن الْمُبَارَك ، فَإِنَّهَا وَقَائِع أَعْيَان ، وَاَللَّه أَعْلَم .
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
هَكَذَا فِي نُسَخ الْكِتَاب ، وَلَكِنْ أَوْرَدَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْخَطَّابِيّ تَرْجَمَة الْبَاب @

الصفحة 5