كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَلَفْظه " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَ عَلَى قَوْم الْيَمِين فَأَسْرَعُوا فَأَمَرَ أَنْ يُسْهَمَ بَيْنهمْ فِي الْيَمِين أَيّهمْ يَحْلِف .
( حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة أَخْبَرَنَا خَالِد إِلَخْ )
: هَذَا الْحَدِيث وَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخ بَعْد حَدِيث مُحَمَّد بْن مِنْهَال وَقَبْل حَدِيث أَحْمَد بْن حَنْبَل وَسَلَمَة بْن شَبِيب وَهُوَ الظَّاهِر كَمَا لَا يَخْفَى
( فَأَمَرَهُمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَهِمَا عَلَى الْيَمِين )
: أَيْ اِقْتَرَعَا عَلَيْهَا .
قَالَ الْقَارِي : وَيُمْكِن أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ اِسْتَهَمَا نِصْفَيْنِ عَلَى يَمِين كُلّ وَاحِد مِنْكُمَا اِنْتَهَى .
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : وَجْه الْقُرْعَة أَنَّهُ إِذَا تَسَاوَى الْخَصْمَانِ فَتَرْجِيح أَحَدهمَا بِدُونِ مُرَجِّح لَا يَسُوغُ ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْمَصِير إِلَى مَا فِيهِ التَّسْوِيَة بَيْن الْخَصْمَيْنِ وَهُوَ الْقُرْعَة وَهَذَا نَوْع مِنْ التَّسْوِيَة الْمَأْمُور بِهَا بَيْن الْخُصُوم . وَقَدْ طَوَّلَ أَئِمَّة الْفِقْه الْكَلَامَ عَلَى قِسْمَة الشَّيْء الْمُتَنَازَع فِيهِ بَيْن مُتَنَازِعِيهِ إِذَا كَانَ فِي يَد كُلّ وَاحِد مِنْهُمْ أَوْ فِي يَد غَيْرهمْ مَقْرَبَة لَهُمْ وَأَمَّا إِذَا كَانَ فِي يَد أَحَدهمَا فَالْقَوْل قَوْله وَالْيَمِين عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَة عَلَى خَصْمه ، وَأَمَّا الْقُرْعَة فِي تَقْدِيم أَحَدهمَا فِي
الْحَلِف ، فَاَلَّذِي فِي فُرُوع الشَّافِعِيَّة أَنَّ الْحَاكِم يُعَيِّن لِلْيَمِينِ مِنْهُمَا مَنْ شَاءَ عَلَى مَا يَرَاهُ . قَالَ الْبِرْمَاوِيّ : لَكِنَّ الَّذِي يَنْبَغِي الْعَمَل بِهِ هُوَ الْقُرْعَة لِلْحَدِيثِ اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ .@

الصفحة 502