كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

حَبْسه إِذَا كَانَ وَاجِدًا ، وَالْمُعْدِم غَيْر وَاجِد فَلَا حَبْس عَلَيْهِ . وَقَدْ اِخْتَلَفَ النَّاس فِي هَذَا ، فَكَانَ شُرَيْح يَرَى حَبْس الْمَلِيّ وَالْمُعْدِم ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَصْحَاب الرَّأْي . وَقَالَ مَالِك : لَا حَبْس عَلَى مُعْسِر إِنَّمَا حَظّه الْإِنْظَار . وَمَذْهَب الشَّافِعِيّ أَنَّ مَنْ كَانَ ظَاهِرُ حَالِهِ الْعُسْر فَلَا يُحْبَس ، وَمَنْ كَانَ ظَاهِره الْيَسَار حُبِسَ إِذَا اِمْتَنَعَ مِنْ أَدَاء الْحَقّ اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .
3145 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( أَخْبَرَنَا هِرْمَاس )
: بِكَسْرِ الْهَاء وَسُكُون الرَّاء الْمُهْمَلَة
( رَجُل )
: بِالرَّفْعِ بَدَل مِنْ هِرْمَاس
( عَنْ جَدّه )
: لَيْسَ هَذَا اللَّفْظ فِي بَعْض النُّسَخ
( بِغَرِيمٍ )
: أَيْ مَدْيُون
( فَقَالَ لِي اِلْزَمْهُ )
: بِفَتْحِ الزَّاي . فِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز مُلَازَمَة مَنْ لَهُ الدَّيْن لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ بَعْد تَقَرُّره بِحُكْمِ الشَّرْع . قَالَ فِي النَّيْل : وَعَنْ أَبِي حَنِيفَة وَأَحَد وَجْهَيْ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ فَقَالُوا إِنَّهُ يَسِير حَيْثُ سَارَ وَيَجْلِس حَيْثُ جَلَسَ غَيْر مَانِع لَهُ مِنْ الِاكْتِسَاب وَيَدْخُل مَعَهُ دَاره . وَذَهَبَ أَحْمَدُ إِلَى أَنَّ الْغَرِيم إِذَا طَلَبَ مُلَازَمَة غَرِيمه حَتَّى يَحْضُر بِبَيِّنَتِهِ الْقَرِيبَة أُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُمَكَّن مِنْ مُلَازَمَته ذَهَبَ مِنْ مَجْلِس الْحَاكِم ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْبَيِّنَة الْبَعِيدَة .
وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى أَنَّ الْمُلَازَمَة غَيْر مَعْمُول بِهَا بَلْ إِذَا قَالَ : لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ قَالَ الْحَاكِم لَك يَمِينه أَوْ أَخِّرْهُ حَتَّى تُحْضِر بَيِّنَتك ، وَحَمَلُوا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ الْمُرَاد اِلْزَمْ غَرِيمك بِمُرَاقَبَتِك لَهُ بِالنَّظَرِ مِنْ بُعْدٍ ، وَلَعَلَّ الِاعْتِذَار عَنْ الْحَدِيث بِمَا فِيهِ مِنْ@

الصفحة 513