كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

3150 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( أَنْ يَغْرِز )
: بِكَسْرِ الرَّاء أَيْ يَضَع
( فَنَكَسُوا )
: أَيْ طَأْطَئُوا رُءُوسهمْ ، وَالْمُرَاد الْمُخَاطَبُونَ ، وَهَذَا قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَة أَيَّام إِمَارَته عَلَى الْمَدِينَة فِي زَمَن مَرْوَان ، فَإِنَّهُ كَانَ يَسْتَخْلِفهُ فِيهَا قَالَهُ فِي السُّبُل
( فَقَالَ )
: أَيْ أَبُو هُرَيْرَة
( قَدْ أَعْرَضْتُمْ )
: أَيْ عَنْ هَذِهِ السُّنَّة أَوْ هَذِهِ الْمَقَالَة
( لَأُلْقِيَنَّهَا )
: أَيْ هَذِهِ الْمَقَالَة
( بَيْن أَكْتَافكُمْ )
: بِالتَّاءِ جَمْع كَتِف .
قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ : أَيْ لَأَصْرُخَنَّ بِالْمَقَالَةِ فِيكُمْ وَلَأُوجِعَنَّكُمْ بِالتَّقْرِيعِ بِهَا كَمَا يُضْرَب الْإِنْسَانُ بِالشَّيْءِ بَيْن كَتِفَيْهِ لِيَسْتَيْقِظ مِنْ غَفْلَته ، أَوْ الضَّمِير أَيْ فِي قَوْله بِهَا لِلْخَشَبَةِ ، وَالْمَعْنَى إِنْ لَمْ تَقْبَلُوا هَذَا الْحُكْم وَتَعْمَلُوا بِهِ رَاضِينَ لَأَجْعَلَنَّ الْخَشَبَة عَلَى رِقَابكُمْ كَارِهِينَ ، وَقَصَدَ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَة قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ . وَقَالَ الطِّيبِيُّ : هُوَ كِنَايَة عَنْ إِلْزَامهمْ بِالْحُجَّةِ الْقَاطِعَة عَلَى مَا اِدَّعَاهُ ، أَيْ لَا أَقُول الْخَشَبَة تُرْمَى عَلَى الْجِدَار بَلْ بَيْن أَكْتَافكُمْ لِمَا وَصَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبِرِّ وَالْإِحْسَان فِي حَقّ الْجَار وَحَمْل أَثْقَاله اِنْتَهَى . قَالَ النَّوَوِيّ : اِخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث هَلْ هُوَ عَلَى النَّدْب إِلَى تَمْكِين الْجَار وَوَضْع الْخَشَب عَلَى جِدَار دَاره أَمْ عَلَى الْإِيجَاب ، وَفِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ وَلِأَصْحَابِ مَالِك أَصَحُّهُمَا النَّدْب ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَة ، وَالثَّانِي الْإِيجَاب وَبِهِ قَالَ أَحْمَد وَأَصْحَاب الْحَدِيث وَهُوَ الظَّاهِر لِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَة بَعْد رِوَايَته مَالِي أَرَاكُمْ إِلَخْ اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ .@

الصفحة 519