كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)
ولهذا ينهى عن التغوط بين القبور وأخبر النبي صلى الله عليه و سلم أن الجلوس على الجمر حتى تحرق الثياب خير من الجلوس على القبر ومعلوم أن هذا أخف من المشي بين القبور بالنعال
وبالجملة فاحترام الميت في قبرة بمنزلة احترامه في داره التي كان يسكنها في الدنيافإن القبر قد صار داره
وقد تقدم قوله صلى الله عليه و سلم كسر عظم الميت ككسره حيا فدل على أن احترامه في قبره كاحترامه في داره والقبور هي ديار الموتى ومنازلهم ومحل تزاورهم وعليها تنزل الرحمة من ربهم والفضل على محسنهم فهي منازل المرحومين ومهبط الرحمة ويلقى بعضهم بعضا على أفنية قبورهم يتجالسون ويتزاورون كما تضافرت به الآثار
ومن تأمل كتاب القبور لإبن أبي الدنيا رأي فيه آثارا كثيرة في ذلك
فكيف يستبعد أن يكون من محاسن الشريعة إكرام هذه المنازل عن وطئها بالنعال وإحترامها بل هذا من تمام محاسنها وشاهده ما ذكرناه من وطئها والجلوس عليها والاتكاء عليها
وأما تضعيف حديث بشير فمما لم نعلم أحدا طعن فيه بل قد قال الإمام أحمد إسناده جيد
وقال عبد الرحمن بن مهدي كان عبد الله بن عثمان يقول فيه حديث جيد ورجل ثقة
وأما معارضته بقوله صلى الله عليه و سلم إنه ليسمع قرع نعالهم فمعارضة فاسدة