كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

واحتج لهذا القول بوجوه
أحدها ما روى مسلم في صحيحه من حديث بريدة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها وفيه أيضا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال زوروا القبور فإنها تذكر الموت قالوا وهذا الخطاب يتناول النساء بعمومه بل هن المراد به فإنه إنما علم نهيه عن زيارتها للنساء دون الرجال وهذا صريح في النسخ لأنه قد صرح فيه بتقدم النهي ولا ريب في أن المنهي عن زيارة القبور هو المأذون له فيها والنساء قد نهين عنها فيتناولهن الأذن قالوا وأيضا فقد قال عبد الله بن أبي ملكية لعائشة ياأم المؤمنين من أين أقبلت قالت من قبر أخي عبد الرحمن فقلت لها أليس قد نهي رسول الله صلى الله عليه و سلم عن زيارة القبور قالت نعم ثم أمر بزيارتها رواه البيهقي من حديث يزيد بن زريع عن بسطام بن مسلم عن أبي التياح عن ابن أبي مليكة قال توفى عبد الرحمن بن أبي بكر يحيى
فحمل إلى مكة فدفن فلما قدمت عائشة أتت قبر عبد الرحمن فقالت وكنا كندماني جذيمة حقبة من الدهر حتى قيل لن يتصدعا فلما تفرقنا كأني ومالكا لطول اجتماع لم نبت ليلة معا ثم قالت والله لو حضرتك ما دفنت
إلا حيث مت ولو شهدتك ما زرتك
قالوا وأيضا فقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس قال مر النبي صلى الله عليه و سلم بامرأة عند قبر تبكي على صبي لها فقال لها اتقي الله واصبري فقالت وما تبالي بمصيبتي
فلما ذهب قيل لها إنه رسول الله صلى الله عليه و سلم فإخذها مثل الموت فأتت بابه فلم تجد على بابه بوابين فقالت يا رسول الله لم أعرفك فقال إنما الصبر عند الصدمة الأولى وترجم عليه البخاري باب زيارة القبور قالوا ولأن تعليل زيارتها بتذكير الآخرة أمر يشترك فيه الرجال والنساء
وليس الرجال إليه منهن
قال الأولون أحاديث التحريم صريحة في معناها
فإن رسول الله صلى الله

الصفحة 59