كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)
وَقِيلَ لَهَا مَصْبُورَة وَإِنْ كَانَ صَاحِبهَا فِي الْحَقِيقَة هُوَ الْمَصْبُور لِأَنَّهُ إِنَّمَا صَبَرَ مِنْ أَجْلهَا أَيْ حُبِسَ فَوُصِفَتْ بِالصَّبْرِ وَأُضِيفَتْ إِلَيْهِ مَجَازًا . قَالَهُ فِي النِّهَايَة . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْيَمِين الْمَصْبُورَة هِيَ اللَّازِمَة لِصَاحِبِهَا مِنْ جِهَة الْحُكْم فَيَصْبِر لِأَجْلِهَا أَيْ يُحْبَس وَهِيَ يَمِين الصَّبْر ، وَأَصْل الصَّبْر الْحَبْس ، وَمِنْ هَذَا قَوْلهمْ قُتِلَ فُلَان صَبْرًا أَيْ حَبْسًا عَلَى الْقَتْل وَقَهْرًا عَلَيْهَا
( فَلْيَتَبَوَّأْ بِوَجْهِهِ )
: أَيْ بِسَبَبِهِ أَيْ بِسَبَبِ هَذَا الْحَلِف وَالْبَاء لِلسَّبَبِيَّةِ أَوْ عَلَى وَجْهه أَيْ مُكِبًّا عَلَى وَجْهه ، فَالْبَاء لِلِاسْتِعْلَاءِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ } وَالثَّانِي أَوْلَى لِأَنَّهُ يَكُون هَذَا اللَّفْظ أَيْ لَفْظ بِوَجْهِهِ عَلَى الْأَوَّل تَأْكِيدًا لِمَا عُلِمَ سَابِقًا مِنْ أَنَّ الْحَلِف سَبَب لِهَذَا التَّبَوُّء لِأَنَّهُ إِذَا حُكِمَ عَلَى الْمُشْتَقّ بِشَيْءٍ كَانَ مَأْخَذ الِاشْتِقَاق عِلَّة لَهُ ، وَعَلَى الثَّانِي يَكُون تَأْسِيسًا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ التَّأْكِيد وَاَللَّه أَعْلَم .
وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ .
2822 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( عَنْ عَبْد اللَّه )
: هُوَ اِبْن مَسْعُود
( عَلَى يَمِين )
: وَالْمُرَاد بِهِ الْمَحْلُوف عَلَيْهِ . وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ " عَلَى يَمِين صَبْر " قَالَ الْعَيْنِيّ : وَهِيَ الَّتِي يُلْزَم وَيُجْبَر عَلَيْهَا حَالِفهَا ، وَيُقَال هِيَ أَنْ يَحْبِس السُّلْطَان رَجُلًا عَلَى يَمِين حَتَّى يَحْلِف بِهَا ، يُقَال صَبَرْت يَمِينِي أَيْ حَلَفْت بِاَللَّهِ ، وَأَصْل الصَّبْر الْحَبْس وَمَعْنَاهُ مَا يُجْبَر عَلَيْهَا . وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ وَأَنْ يُوقَف حَتَّى يَحْلِف عَلَى رُءُوس النَّاس اِنْتَهَى
( هُوَ )
: أَيْ الْحَالِف
( فِيهَا )
: أَيْ فِي الْيَمِين
( فَاجِر )
: أَيْ كَاذِب ، وَقُيِّدَ بِهِ لِيَخْرُج الْجَاهِل وَالنَّاسِي@
الصفحة 66