كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

2827 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ )
: أَيْ بِأُصُولِكُمْ فَبِالْفُرُوعِ أَوْلَى
( وَلَا بِالْأَنْدَادِ )
: أَيْ الْأَصْنَام .
قَالَ فِي النِّهَايَة : الْأَنْدَاد : جَمْع نِدّ بِالْكَسْرِ ، وَهُوَ مِثْل الشَّيْء الَّذِي يُضَادّهُ فِي أُمُوره ، وَيُنَادّهُ أَيْ يُخَالِفهُ ، وَيُرِيد بِهَا مَا كَانُوا يَتَّخِذُونَهُ آلِهَة مِنْ دُون اللَّه اِنْتَهَى .
قَالَ فِي الْفَتْح : وَهَلْ الْمَنْع لِلتَّحْرِيمِ ؟ قَوْلَانِ عِنْد الْمَالِكِيَّة ، كَذَا قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد وَالْمَشْهُور عِنْدهمْ الْكَرَاهَة ، وَالْخِلَاف أَيْضًا عِنْد الْحَنَابِلَة ، لَكِنَّ الْمَشْهُور عِنْدهمْ التَّحْرِيم ، وَبِهِ جَزَمَ الظَّاهِرِيَّة .
وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : لَا يَجُوز الْحَلِف بِغَيْرِ اللَّه بِالْإِجْمَاعِ ، وَمُرَاده بِنَفْيِ الْجَوَاز وَالْكَرَاهَة أَعَمّ مِنْ التَّحْرِيم وَالتَّنْزِيه فَإِنَّهُ قَالَ فِي مَوْضِع آخَر أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ الْيَمِين بِغَيْرِ اللَّه مَكْرُوهَة مَنْهِيّ عَنْهَا لَا يَجُوز لِأَحَدٍ الْحَلِف بِهَا . وَالْخِلَاف مَوْجُود عِنْد الشَّافِعِيَّة مِنْ أَجْل قَوْل الشَّافِعِيّ أَخْشَى أَنْ يَكُون الْحَلِف بِغَيْرِ اللَّه مَعْصِيَة ، فَأَشْعَرَ بِالتَّرَدُّدِ ، وَجُمْهُور أَصْحَابه عَلَى أَنَّهُ لِلتَّنْزِيهِ .
وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ : الْمَذْهَب الْقَطْع بِالْكَرَاهَةِ ، وَجَزَمَ غَيْره بِالتَّفْصِيلِ ، فَإِنْ اِعْتَقَدَ فِي الْمَحْلُوف فِيهِ مِنْ التَّعْظِيم مَا يَعْتَقِدهُ فِي اللَّه حُرِّمَ الْحَلِف بِهِ وَكَانَ بِذَلِكَ @

الصفحة 74