كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

وَقَالَ الْمِزِّيّ فِي الْأَطْرَاف : أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْأَيْمَان عَنْ عَمْرو بْن عَوْن وَمُسَدَّد كِلَاهُمَا عَنْ هُشَيْم ، قَالَ عَمْرو بْن عَوْن عَنْ عَبَّاد بْن أَبِي صَالِح ، وَقَالَ مُسَدَّد عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي صَالِح . قَالَ أَبُو دَاوُدَ هُمَا وَاحِد اِنْتَهَى .
قُلْت : أَبُو صَالِح هُوَ ذَكْوَانُ وَعَبْد اللَّه كُنْيَته أَبُو الزِّنَاد
( يَمِينك )
: أَيْ حَلَّفَك وَهُوَ مُبْتَدَأ خَبَره قَوْله
( عَلَى مَا )
: مَا مَوْصُولَة وَالْمُرَاد بِهِ النِّيَّة
( يُصَدِّقك عَلَيْهَا )
أَيْ عَلَى النِّيَّة
( صَاحِبك )
: أَيْ خَصْمك وَمُدَّعِيك وَمَحَاوِرك ، وَلَفْظ مُسْلِم " يَمِينك عَلَى مَا يُصَدِّقك عَلَيْهِ صَاحِبك " وَالْمَعْنَى أَنَّهُ وَاقِع عَلَيْهِ لَا يُؤَثِّر فِيهِ التَّوْرِيَة ، فَإِنَّ الْعِبْرَة فِي الْيَمِين بِقَصْدِ الْمُسْتَحْلِف إِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لَهَا وَإِلَّا فَالْعِبْرَة بِقَصْدِ الْحَالِف فَلَهُ التَّوْرِيَة قَالَهُ الْقَارِيّ ، وَفِي فَتْح الْوَدُود : مَعْنَاهُ يَمِينك وَاقِع عَلَى نِيَّة الْمُسْتَحْلِف وَلَا تُؤَثِّر التَّوْرِيَة فِيهِ ، وَهَذَا إِذَا كَانَ لِلْمُسْتَحْلِفِ حَقُّ اِسْتِحْلَاف وَإِلَّا فَالتَّوْرِيَة نَافِعَة قَطْعًا وَعَلَيْهِ يُحْمَل حَدِيث إِنَّهُ أَخِي لِذَلِكَ ذَكَرَهُ بَعْد هَذَا الْحَدِيث تَنْبِيهًا عَلَى الْمُرَاد اِنْتَهَى .
وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْيَمِين عَلَى نِيَّة الْمُسْتَحْلِف " قَالَ الْقَارِيّ أَيْ إِذَا كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلتَّحْلِيفِ وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّظَر وَالِاعْتِبَار فِي الْيَمِين عَلَى نِيَّة طَالِب الْحِنْث فَإِنْ أَضْمَرَ الْحَالِف تَأْوِيلًا عَلَى غَيْر نِيَّة الْمُسْتَحْلِف لَمْ يَسْتَخْلِص مِنْ الْحِنْث وَبِهِ قَالَ أَحْمَد اِنْتَهَى . قَالَ فِي النَّيْل : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَار بِقَصْدِ الْمُحَلِّف مِنْ غَيْر فَرْق بَيْن أَنْ يَكُون الْمُحَلِّف هُوَ الْحَاكِم أَوْ الْغَرِيم وَبَيْن أَنْ يَكُون الْمُحَلِّف ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا صَادِقًا أَوْ كَاذِبًا . وَقِيلَ هُوَ مُقَيَّد بِصِدْقِ الْمُحَلِّف فِيمَا اِدَّعَاهُ ، أَمَّا لَوْ كَانَ كَاذِبًا كَانَ الِاعْتِبَار بِنِيَّةِ الْحَالِف . قَالَ النَّوَوِيّ : وَالْحَاصِل أَنَّ الْيَمِين عَلَى نِيَّة الْحَالِف فِي كُلّ الْأَحْوَال إِلَّا@

الصفحة 79