كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)
وَهُوَ مُشْتَرَكُ الْإِلْزَام ، فَلَمْ يُرْوَ فِي شَيْء مِنْ الْأَخْبَار أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ أَحَد فِي بَلَده كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ وَمَحَلّه فِي اِتِّسَاع الْحِفْظ مَعْلُوم اِنْتَهَى .
قُلْت نَعَمْ مَا وَرَدَ فِيهِ شَيْء نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا لَكِنْ مِنْ الْمَعْلُوم أَنَّ النَّجَاشِيّ أَسْلَمَ وَشَاعَ إِسْلَامه ، وَوَصَلَ إِلَيْهِ جَمَاعَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَرَّة بَعْد مَرَّة وَكَرَّة بَعْد كَرَّة ، فَيَبْعُد كُلّ الْبَعْد أَنَّهُ مَا صَلَّى عَلَيْهِ أَحَد مِنْ بَلَده .
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ وَأَحْمَد وَابْن مَاجَهْ وَغَيْرهمْ وَاللَّفْظ لِابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي الطُّفَيْل عَنْ حُذَيْفَة بْن أَسِيدٍ " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ بِهِمْ فَقَالَ صَلُّوا عَلَى أَخ لَكُمْ مَاتَ بِغَيْرِ أَرْضكُمْ ، قَالُوا مَنْ هُوَ ؟ قَالَ النَّجَاشِيّ " .
وَلَفْظ غَيْره " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَخَاكُمْ مَاتَ بِغَيْرِ أَرْضكُمْ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ " فَلَيْسَ فِيهِ حُجَّة لِلْمَانِعِينَ بَلْ فِيهِ حُجَّة عَلَى الْمَانِعِينَ ، فَإِنَّ الْمُرَاد بِأَرْضِكُمْ هِيَ الْمَدِينَة كَأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ النَّجَاشِيّ إِنْ مَاتَ فِي أَرْضكُمْ الْمَدِينَة لَصَلَّيْتُمْ عَلَيْهِ ، لَكِنَّهُ مَاتَ فِي غَيْر أَرْضكُمْ الْمَدِينَة فَصَلُّوا عَلَيْهِ صَلَاة الْغَائِب فَهَذَا تَشْرِيع مِنْهُ وَسُنَّة لِلْأُمَّةِ الصَّلَاة عَلَى كُلّ غَائِب وَاَللَّه أَعْلَم .
قَالَ الْحَافِظ : وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل بَعْضهمْ كُشِفَ لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ حَتَّى رَآهُ فَتَكُون صَلَاته عَلَيْهِ كَصَلَاةِ الْإِمَام عَلَى مَيِّت رَآهُ وَلَمْ يَرَهُ الْمَأْمُومُونَ ، وَلَا خِلَاف فِي جَوَازهَا . قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : هَذَا يَحْتَاج إِلَى نَقْل وَلَا يَثْبُت بِالِاحْتِمَالِ ، وَتَبِعَهُ بَعْض الْحَنَفِيَّة بِأَنَّ الِاحْتِمَال كَافٍ فِي مِثْل هَذَا مِنْ جِهَة الْمَانِع ، وَكَأَنَّ مُسْتَنِد قَائِل ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْوَاحِدِيّ فِي أَسْبَابه بِغَيْرِ إِسْنَاد عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ " كُشِفَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَرِير النَّجَاشِيّ حَتَّى رَآهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ " .
وَلِابْنِ حِبَّان مِنْ حَدِيث عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ " فَقَامَ وَصَفُّوا خَلْفه وَهُمْ لَا يَظُنُّونَ@
الصفحة 8
525