كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)
الْمِلَل مِنْ أَهْل الْكِتَاب كَالْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّة وَمَنْ لَحِقَ بِهِمْ مِنْ الْمَجُوسِيَّة وَالصَّابِئَة وَأَهْل الْأَوْثَان وَالدَّهْرِيَّة وَالْمُعَطِّلَة وَعَبَدَة الشَّيَاطِين وَالْمَلَائِكَة وَغَيْرهمْ . قَالَهُ فِي الْفَتْح
( غَيْر مِلَّة الْإِسْلَام )
: صِفَةُ فَلَهُ كَأَنْ يَقُول إِنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا يَهُودِيّ أَوْ نَصْرَانِيّ
( كَاذِبًا )
: أَيْ فِي حَلِفه . قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ : يُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّ الْحَالِف إِنْ كَانَ مُطْمَئِنّ الْقَلْب بِالْإِيمَانِ وَهُوَ كَاذِب فِي تَعْظِيم مَا لَا يُعْتَقَد تَعْظِيمه لَمْ يُكَفِّر ، وَإِنْ قَالَهُ مُعْتَقِدًا لِلْيَمِينِ بِتِلْكَ الْمِلَّة لِكَوْنِهَا حَقًّا كَفَّرَ ، وَإِنْ قَالَهُ لِمُجَرَّدِ التَّعْظِيم لَهَا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ قَبْل النَّسْخ فَلَا يُكَفِّر
( فَهُوَ )
: أَيْ الْحَالِف وَهُوَ جَوَاب الشَّرْط
( كَمَا قَالَ )
: وَقَوْله فَهُوَ مُبْتَدَأ وَكَمَا قَالَ فِي مَوْضِع الْخَبَر أَيْ فَهُوَ كَائِن كَمَا قَالَ ، وَظَاهِره أَنَّهُ يُكَفِّر بِذَلِكَ . قَالَ الْحَافِظ : وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِهَذَا الْكَلَام التَّهْدِيد وَالْمُبَالَغَة فِي الْوَعِيد لَا الْحُكْم وَكَأَنَّهُ قَالَ فَهُوَ مُسْتَحِقّ مِثْل عَذَاب مَنْ اِعْتَقَدَ مَا قَالَ ، وَنَظِيره " مَنْ تَرَكَ الصَّلَاة فَقَدْ كَفَرَ " أَيْ اِسْتَوْجَبَ عُقُوبَة مَنْ كَفَرَ . وَقَالَ اِبْن الْمُنْذِر : قَوْله " فَهُوَ كَمَا قَالَ " لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقه فِي نِسْبَته إِلَى الْكُفْر بَلْ الْمُرَاد أَنَّهُ كَاذِب كَكَذِبِ الْمُعَظِّم لِتِلْكَ الْجِهَة اِنْتَهَى .
( عُذِّبَ بِهِ )
: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول أَيْ بِالشَّيْءِ الَّذِي قَتَلَ نَفْسه بِهِ لِأَنَّ جَزَاءَهُ مِنْ جِنْس عَمَله . قَالَ الْحَافِظ : قَالَ اِبْن دَقِيق : هَذَا مِنْ بَاب مُجَانَسَة الْعُقُوبَات الْأُخْرَوِيَّة لِلْجِنَايَاتِ الدُّنْيَوِيَّة وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ جِنَايَة الْإِنْسَان عَلَى نَفْسه كَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْره فِي الْإِثْم لِأَنَّ نَفْسه لَيْسَتْ مِلْكًا لَهُ مُطْلَقًا بَلْ هِيَ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَتَصَرَّف فِيهَا إِلَّا بِمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ
( وَلَيْسَ عَلَى رَجُل )
: أَيْ لَا يَلْزَمهُ
( نَذْر فِيمَا لَا يَمْلِكهُ )
: كَأَنْ يَقُول إِنْ شَفَى اللَّه مَرِيضِي فَفُلَان حُرّ وَهُوَ لَيْسَ فِي مِلْكه .@
الصفحة 82