كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)
ذَكَرْنَا اِخْتِلَاف أَهْل الْعِلْم فِي الْبَاب الْأَوَّل اِنْتَهَى .
( وَإِنْ كَانَ صَادِقًا )
: أَيْ فِي حَلِفه يَعْنِي مَثَلًا حَلَفَ إِنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا بَرِيء مِنْ الْإِسْلَام فَلَمْ يَفْعَل فَبَرَّ فِي يَمِينه
( سَالِمًا )
: لِأَنَّ فِيهِ نَوْع اِسْتِخْفَاف بِالْإِسْلَامِ فَيَكُون بِنَفْسِ هَذَا الْحَلِف آثِمًا .
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
أَيْ أَنْ لَا يَأْكُل الْإِدَام فَأَكَلَ تَمْرًا بِخُبْزٍ هَلْ يَكُون مُؤْتَدِمًا فَيَحْنَث أَمْ لَا .
2837 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( عَلَى كِسْرَة )
: مِنْ خُبْز
( هَذِهِ )
: أَيْ تَمْرَة
( إِدَام هَذِهِ )
: أَيْ كِسْرَة . قَالَ الْعَيْنِيّ : وَبِهَذَا يُحْتَجّ أَنَّ كُلّ مَا يُوجَد فِي الْبَيْت غَيْر الْخُبْز فَهُوَ إِدَام سَوَاء كَانَ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا ، فَعَلَى هَذَا أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَأَدَّم فَأَكَلَ خُبْزًا بِتَمْرٍ فَإِنَّهُ يَحْنَث . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَأَبُو يُوسُف الْإِدَام مَا يُطْبَخ بِهِ مِثْل الزَّيْت وَالْعَسَل وَالْمِلْح وَالْخَلّ وَأَمَّا مَا لَا يُطْبَخ بِهِ مِثْل اللَّحْم الْمَشْوِيّ وَالْجُبْن وَالْبِيض فَلَيْسَ بِإِدَامٍ وَقَالَ مُحَمَّد : هَذِهِ إِدَام ، وَبِهِ قَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد ، وَهُوَ رِوَايَة عَنْ أَبِي يُوسُف اِنْتَهَى .
وَقَالَ الْحَافِظ : قَالَ اِبْن الْقَصَّار : لَا خِلَاف بَيْن أَهْل اللِّسَان أَنَّ مَنْ أَكَلَ خُبْزًا بِلَحْمٍ مَشْوِيّ أَنَّهُ اِئْتَدَمَ بِهِ ، فَلَوْ قَالَ أَكَلْت خُبْزًا بِلَا إِدَام كَذَبَ ، وَإِنْ قَالَ أَكَلْت خُبْزًا بِإِدَامٍ صَدَقَ وَأَمَّا قَوْل الْكُوفِيِّينَ : الْإِدَام اِسْم لِلْجَمْعِ بَيْن الشَّيْئَيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد أَنْ يَسْتَهْلِك الْخُبْز فِيهِ بِحَيْثُ يَكُون تَابِعًا لَهُ بِأَنْ تَتَدَاخَل أَجْزَاؤُهُ فِي أَجْزَائِهِ . وَهَذَا لَا يَحْصُل إِلَّا بِمَا يُطْبَخ بِهِ ، فَقَدْ أَجَابَ مَنْ خَالَفَهُمْ بِأَنَّ الْكَلَام الْأَوَّل مُسَلَّم ، لَكِنْ دَعْوَى التَّدَاخُل لَا دَلِيل عَلَيْهِ قَبْل التَّنَاوُل@
الصفحة 84