كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 10)

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ
( قَالَ مَالِك )
: فِي تَفْسِير قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْل أَنْ يُسْأَلهَا
( وَلَا يَعْلَم بِهَا )
: أَيْ بِشَهَادَتِهِ
( الَّذِي هِيَ لَهُ )
: فَاعِل لَا يَعْلَم ، أَيْ لَا يَعْلَم بِشَهَادَتِهِ الرَّجُل الَّذِي الشَّهَادَة لَهُ . قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : قَالَ اِبْن وَهْب : قَالَ مَالِك : تَفْسِير هَذَا الْحَدِيث أَنَّ الرَّجُل يَكُون عِنْده شَهَادَة فِي الْحَقّ لِرَجُلٍ لَا يَعْلَمهَا فَيُخْبِرهُ بِشَهَادَتِهِ وَيَرْفَعهَا إِلَى السُّلْطَان زَادَ يَحْيَى بْن سَعِيد إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَنْتَفِع بِهَا الَّذِي لَهُ الشَّهَادَة ، وَهَذَا لِأَنَّ الرَّجُل رُبَّمَا نَسِيَ شَاهِده فَظَلَّ مَغْمُومًا لَا يَدْرِي مَنْ هُوَ ، فَإِذَا أَخْبَرَهُ الشَّاهِد بِذَلِكَ فَرَّجَ كَرْبَهُ ، وَفِي الْحَدِيث " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِن كُرْبَة مِنْ كُرَب الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّه عَنْهُ كُرْبَة مِنْ كُرَب الْآخِرَة وَاَللَّه فِي عَوْن الْعَبْد مَا كَانَ الْعَبْد فِي عَوْن أَخِيهِ " وَلَا يُعَارِض هَذَا حَدِيث " خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِيء قَوْم يُعْطُونَ الشَّهَادَة قَبْل أَنْ يُسْأَلُوهَا " لِأَنَّ النَّخَعِيَّ قَالَ مَعْنَى الشَّهَادَة هُنَا الْيَمِين أَيْ يَحْلِف قَبْل أَنْ يُسْتَحْلَف ، وَالْيَمِين قَدْ تُسَمَّى شَهَادَة . قَالَ تَعَالَى { فَشَهَادَة أَحَدِهِمْ أَرْبَع شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ } اِنْتَهَى كَلَامه .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَقَالَ غَيْره : هَذَا فِي الْأَمَانَة وَالْوَدِيعَة تَكُون لِلْيَتِيمِ لَا يَعْلَم بِهَا بِمَكَانِهَا غَيْره فَيُخْبِر بِمَا يَعْلَم مِنْ ذَلِكَ ، وَقِيلَ هَذَا مَثَل فِي سُرْعَة إِجَابَة الشَّاهِد إِذَا اُسْتُشْهِدَ لَا يَمْنَعهَا وَلَا يُؤَخِّرهَا ، كَمَا يُقَال الْجَوَاد يُعْطِي قَبْل سُؤَاله ، عِبَارَة عَنْ حُسْن عَطَائِهِ وَتَعْجِيله . وَقَالَ الْفَارِسِيّ : قَالَ الْعُلَمَاء إِنَّمَا هِيَ فِي شَهَادَته الْحَسَنَة ، وَإِذَا كَانَ عِنْده عِلْم لَوْ لَمْ يُظْهِرهُ لَضَاعَ حُكْم مِنْ أَحْكَام الدِّين وَقَاعِدَة مِنْ قَوَاعِد الشَّرْع ، فَأَمَّا فِي شَهَادَات الْخُصُوم فَقَدْ وَرَدَ الْوَعِيد فِي مَنْ يَشْهَد وَلَا يُسْتَشْهَد@

الصفحة 4