كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 10)

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ مِنْ حَدِيث مُوسَى بْن عُقْبَة أَخْبَرَنِي نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي فِي الْعَبْد أَوْ الْأَمَة يَكُون بَيْن الشُّرَكَاء فَيُعْتِق أَحَدُهُمْ نَصِيبه مِنْهُ يَقُول قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِتْقه كُلّه إِذَا كَانَ لِلَّذِي أَعْتَقَ مِنْ الْمَال مَا يَبْلُغ قِيمَتَهُ يُقَوَّم مِنْ مَاله قِيمَة الْعَدْل وَيُدْفَع إِلَى الشُّرَكَاء أَنْصِبَاؤُهُمْ وَيُخَلَّى سَبِيل الْمُعْتَق يُخْبِر ذَلِكَ اِبْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَفِي هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمُوسِر إِذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ مَمْلُوك عِتْق كُلّه .
قَالَ الْحَافِظ اِبْن عَبْد الْبَرّ : لَا خِلَاف فِي أَنَّ التَّقْوِيم لَا يَكُون إِلَّا عَلَى الْمُوسِر ، ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فِي وَقْت الْعِتْق فَمَال الْجُمْهُور وَالشَّافِعِيّ فِي الْأَصَحّ وَبَعْض الْمَالِكِيَّة أَنَّهُ يُعْتِق فِي الْحَال . وَقَالَ بَعْض الشَّافِعِيَّة لَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيك نَصِيبهُ بِالتَّقْوِيمِ كَانَ لَغْوًا وَيَغْرَم الْمُعْتَق حِصَّة نَصِيبهُ بِالتَّقْوِيمِ ، وَحُجَّتهمْ رِوَايَة أَيُّوب عِنْد الْبُخَارِيّ حَيْثُ قَالَ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا وَكَانَ لَهُ مِنْ الْمَال مَا يَبْلُغ قِيمَته فَهُوَ عَتِيق وَأُوضِحَ مِنْ ذَلِكَ رِوَايَة النِّسَائِيّ وَابْن حِبَّان وَغَيْرهمَا مِنْ طَرِيق سُلَيْمَان بْن مُوسَى عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر بِلَفْظِ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ فِيهِ شُرَكَاء وَلَهُ وَفَاء فَهُوَ حُرّ وَيَضْمَن نَصِيب شُرَكَائِهِ بِقِيمَتِهِ . وَلِلطَّحَاوِيّ مِنْ طَرِيق اِبْن أَبِي ذِئْب عَنْ نَافِع فَكَانَ لِلَّذِي يُعْتِق نَصِيبهُ مَا يَبْلُغ ثَمَنه فَهُوَ عَتِيق كُلّه حَتَّى لَوْ أَعْسَر الْمُوسِر الْمُعْتَق بَعْد ذَلِكَ اِسْتَمَرَّ الْعِتْق وَبَقِيَ ذَلِكَ دَيْنًا فِي ذِمَّته وَلَوْ مَاتَ أُخِذَ مِنْ تَرِكَته فَإِنْ لَمْ يُخَلِّف شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ شَيْء وَاسْتَمَرَّ الْعِتْق . وَالْمَشْهُور عِنْد الْمَالِكِيَّة أَنَّهُ لَا يَعْتِق إِلَّا بِدَفْعِ الْقِيمَة ، فَلَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيك قَبْل أَخْذ الْقِيمَة نَفَذَ عِتْقه وَهُوَ أَحَد أَقْوَال الشَّافِعِيّ ، وَحُجَّتُهُمْ رِوَايَة سَالِم عِنْد الْبُخَارِيّ حَيْثُ قَالَ : فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَعْتِق . وَالْجَوَاب أَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ تَرْتِيب الْعِتْق عَلَى التَّقْوِيم تَرْتِيبه عَلَى أَدَاء الْقِيمَة ، فَإِنَّ التَّقْوِيم يُفِيد مَعْرِفَة الْقِيمَة وَأَمَّا الدَّفْع فَقَدْرٌ زَائِد عَلَى ذَلِكَ ، وَأَمَّا رِوَايَة مَالِك @

الصفحة 473