كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 10)

الَّتِي فِيهَا فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْد فَلَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا لِسِيَاقِهَا بِالْوَاوِ اِنْتَهَى .
وَقَالَ النَّوَوِيّ : إِنَّ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبه مِنْ عَبْد مُشْتَرَك قُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيه إِذَا كَانَ مُوسِرًا بِقِيمَةِ عَدْل سَوَاء كَانَ الْعَبْد مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَسَوَاء كَانَ الشَّرِيك مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَسَوَاء كَانَ الْعَتِيق عَبْدًا أَوْ أَمَة ، وَلَا خِيَار لِلشَّرِيكِ فِي هَذَا وَلَا لِلْعَبْدِ وَلَا لِلْمُعْتِقِ ، بَلْ يَنْفُذ هَذَا الْحُكْم وَإِنْ كَرِهَهُ كُلّهمْ مُرَاعَاة لِحَقِّ اللَّه تَعَالَى فِي الْحُرِّيَّة .
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ نَصِيب الْمُعْتِق بِنَفْسِ الْإِعْتَاق إِلَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ رَبِيعَة أَنَّهُ قَالَ لَا يَعْتِق نَصِيب الْمُعْتِق مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا ، وَهَذَا مَذْهَب بَاطِل مُخَالِف لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة كُلّهَا وَالْإِجْمَاع . وَأَمَّا نَصِيب الشَّرِيك فَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمه إِذَا كَانَ الْمُعْتِق مُوسِرًا عَلَى مَذَاهِب أَحَدهَا وَهُوَ الصَّحِيح فِي مَذْهَب الشَّافِعِيّ ، وَبِهِ قَالَ اِبْن شُبْرُمَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَابْن أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمَّد بْن الْحَسَن وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق وَبَعْض الْمَالِكِيَّة أَنَّهُ عَتَقَ بِنَفْسِ الْإِعْتَاق وَيُقَوَّم عَلَيْهِ نَصِيب شَرِيكه بِقِيمَتِهِ يَوْم الْإِعْتَاق وَيَكُون وَلَاء جَمِيعه لِلْمُعْتِقِ ، وَحُكْمه مِنْ حِين الْإِعْتَاق حُكْم الْأَحْرَار فِي الْمِيرَاث وَغَيْره ، وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ إِلَّا الْمُطَالَبَة بِقِيمَةِ نَصِيبه كَمَا لَوْ قَتَلَهُ قَالَ هَؤُلَاءِ وَلَوْ أَعْسَرَ الْمُعْتِق بَعْد ذَلِكَ اِسْتَمَرَّ نُفُوذ الْعِتْق وَكَانَتْ الْقِيمَة دَيْنًا فِي ذِمَّته ، وَلَوْ مَاتَ أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَته ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَة ضَاعَتْ الْقِيمَة وَاسْتَمَرَّ عِتْق جَمِيعه . قَالُوا وَلَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيك نَصِيبه بَعْد إِعْتَاق الْأَوَّل نَصِيبه كَانَ إِعْتَاقه لَغْوًا . لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ كُلّه حُرًّا .
وَالْمَذْهَب الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَعْتِق إِلَّا بِدَفْعِ الْقِيمَة ، وَهُوَ الْمَشْهُور مِنْ مَذْهَب مَالِك . وَبِهِ قَالَ أَهْل الظَّاهِر ، وَهُوَ قَوْل لِلشَّافِعَيِّ .@

الصفحة 474