كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 10)

مَال غَيْره فَدَعَا بِهِ )
: وَعِنْد الْبُخَارِيّ فِي بَاب بَيْع الْمُزَايَدَة أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُر فَاحْتَاجَ فَأَخَذَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( مَنْ يَشْتَرِيه )
: أَيْ هَذَا الْغُلَام مِنِّي
( نُعَيْم )
: بِضَمِّ النُّون مُصَغَّرًا
( عَبْد اللَّه بْن النَّحَّام )
: بِفَتْحِ النُّون وَتَشْدِيد الْحَاء
( فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ )
: أَيْ دَفَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الدَّرَاهِم إِلَى أَبِي مَذْكُور الْأَنْصَارِيّ . وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ الْمَذْكُورَة بَيَان سَبَب بَيْعه وَهُوَ الِاحْتِيَاج إِلَى ثَمَنه . وَعِنْد النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق الْأَعْمَش عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل بِلَفْظِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُر وَكَانَ مُحْتَاجًا وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْن فَبَاعَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَمَانِ مِائَة دِرْهَم فَأَعْطَاهُ وَقَالَ اِقْضِ دَيْنَك ، فَاتَّفَقَتْ هَذِهِ الرِّوَايَات عَلَى أَنَّ بَيْع الْمُدَبَّر كَانَ فِي حَيَاة الَّذِي دَبَّرَهُ إِلَّا مَا رَوَاهُ شَرِيك عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل بِهَذَا الْإِسْنَاد أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَتَرَك مُدَبَّرًا وَدَيْنًا فَأَمَرَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَاعَهُ فِي دَيْنه . أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ . وَنَقَلَ عَنْ شَيْخه أَبِي بَكْر النَّيْسَابُورِيّ أَنَّ شَرِيكًا أَخْطَأَ فِيهِ وَالصَّحِيح مَا رَوَاهُ الْأَعْمَش وَغَيْره عَنْ سَلَمَة ، وَفِيهِ وَدَفَعَ ثَمَنه إِلَيْهِ قَالَهُ الْحَافِظ . قَالَ صَاحِب التَّلْوِيح : اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء هَلْ الْمُدَبَّر يُبَاع أَمْ لَا ، فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَة وَمَالِك وَجَمَاعَة مِنْ أَهْل الْكُوفَة إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَبِيع مُدَبَّره وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَأَبُو ثَوْر وَإِسْحَاق وَأَهْل الظَّاهِر ، وَهُوَ قَوْل عَائِشَة وَمُجَاهِد وَالْحَسَن وَطَاوُس ، وَكَرِهَهُ اِبْن عُمَر وَزَيْد بْن ثَابِت وَمُحَمَّد بْن سِيرِينَ وَابْن الْمُسَيِّب وَالزُّهْرِيّ وَالشَّعْبِيّ وَالنَّخَعِيُّ وَابْن أَبِي لَيْلَى وَاللَّيْث بْن سَعْد . وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ لَا يُبَاع إِلَّا مِنْ رَجُل يُرِيد عِتْقه . وَجَوَّزَ أَحْمَد بَيْعه بِشَرْطِ أَنْ يَكُون عَلَى السَّيِّد دَيْن . وَعَنْ مَالِك يَجُوز بَيْعه عِنْد الْمَوْت وَلَا يَجُوز فِي حَال الْحَيَاة وَكَذَا ذَكَرَهُ اِبْن الْجَوْزِيّ عَنْهُ . وَحَكَى مَالِك إِجْمَاع أَهْل الْمَدِينَة عَلَى بَيْع الْمُدَبَّر أَوْ هِبَته اِنْتَهَى .@

الصفحة 496