كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 10)

يَمُتْ السَّيِّد . وَأَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَى صِحَّة التَّدْبِير ، ثُمَّ مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَمَالك وَالْجُمْهُور أَنَّهُ يُحْسَب عِتْقه مِنْ الثُّلُث . وَقَالَ اللَّيْث وَزُفَرُ رَحِمهمَا اللَّه تَعَالَى هُوَ مِنْ رَأْس الْمَال . وَفِي هَذَا الْحَدِيث نَظَرُ الْإِمَام فِي مَصَالِح رَعِيَّته وَأَمْرُهُ إِيَّاهُمْ بِمَا فِيهِ الرِّفْق بِهِمْ وَبِإِبْطَالِهِمْ مَا يَضُرّهُمْ مِنْ تَصَرُّفَاتهمْ الَّتِي يُمْكِن فَسْخهَا وَاَللَّه أَعْلَم اِنْتَهَى .
وَقَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ : وَاخْتُلِفَ فِي بَيْع الْمُدَبَّر عَلَى مَذَاهِب أَحَدهَا الْجَوَاز مُطْلَقًا ، وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَالْمَشْهُور مِنْ مَذْهَب أَحْمَد ، وَحَكَاهُ الشَّافِعِيّ عَنْ التَّابِعِينَ وَأَكْثَر الْفُقَهَاء ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي مَعْرِفَة الْآثَار لِهَذَا الْحَدِيث لِأَنَّ الْأَصْل عَدَم الِاخْتِصَاص بِهَذَا الرَّجُل .
الثَّانِي الْمَنْع مُطْلَقًا وَهُوَ مَذْهَب الْحَنَفِيَّة ، وَحَكَاهُ النَّوَوِيّ عَنْ جُمْهُور الْعُلَمَاء وَتَأَوَّلُوا الْحَدِيث بِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ رَقَبَته وَإِنَّمَا بَاعَ خِدْمَته ، وَهَذَا خِلَاف ظَاهِر اللَّفْظ ، وَتَمَسَّكُوا بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن قَالَ إِنَّمَا بَاعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِدْمَة الْمُدَبَّر وَهَذَا مُرْسَل لَا حُجَّة فِيهِ ، وَرُوِيَ عَنْهُ مَوْصُولًا وَلَا يَصِحّ . وَأَمَّا مَا عِنْد الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُدَبَّر لَا يُبَاع وَلَا يُوهَب وَهُوَ حُرّ مِنْ الثُّلُث فَهُوَ حَدِيث ضَعِيف لَا يُحْتَجّ بِمِثْلِهِ .
الثَّالِث الْمَنْع مِنْ بَيْعه إِلَّا أَنْ يَكُون عَلَى السَّيِّد دَيْن مُسْتَغْرِق فَيُبَاع فِي حَيَاته وَبَعْد مَمَاته ، وَهَذَا مَذْهَب الْمَالِكِيَّة لِزِيَادَةٍ فِي الْحَدِيث عِنْد النَّسَائِيِّ وَهِيَ وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْن وَفِيهِ فَأَعْطَاهُ وَقَالَ اِقْضِ دَيْنك ، وَعُورِضَ بِمَا عِنْد مُسْلِم اِبْدَأ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا إِذْ ظَاهِره أَنَّهُ أَعْطَاهُ الثَّمَن لِإِنْفَاقِهِ لَا لِوَفَاءِ دَيْن بِهِ .
الرَّابِع تَخْصِيصه بِالْمُدَبَّرِ فَلَا يَجُوز فِي الْمُدَبَّرَة وَهُوَ رِوَايَة عَنْ أَحْمَد ، وَجَزَمَ @

الصفحة 498