كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 10)

بِهِ اِبْن حَزْم عَنْهُ وَقَالَ هَذَا تَفْرِيق لَا بُرْهَان عَلَى صِحَّتِهِ وَالْقِيَاس الْجَلِيّ يَقْتَضِي عَدَم الْفَرْق .
الْخَامِس بَيْعه إِذَا اِحْتَاجَ صَاحِبه إِلَيْهِ . وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدِّين بْن دَقِيق الْعِيد : مَنْ مَنَعَ بَيْعه مُطْلَقًا فَالْحَدِيث حُجَّة عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَنْع الْكُلِّيّ يُنَاقِضهُ الْجَوَاز الْجُزْئِيّ ، وَمَنْ أَجَازَ بَيْعه فِي بَعْض الصُّوَر يَقُول أَنَا أَقُول بِالْحَدِيثِ فِي صُورَة كَذَا فَالْوَاقِعَة وَاقِعَة حَال لَا عُمُوم لَهَا فَلَا تَقُوم عَلَيَّ الْحُجَّة فِي الْمَنْع مِنْ بَيْعه فِي غَيْرهَا كَمَا يَقُول مَالِك فِي بَيْع الدَّيْن اِنْتَهَى .
وَمُلَخَّص الْكَلَام أَنَّ أَصْحَاب أَبِي حَنِيفَة حَمَلُوا الْحَدِيث عَلَى الْمُدَبَّر الْمُقَيَّد وَهُوَ عِنْدهمْ يَجُوز بَيْعه ، وَأَصْحَاب مَالِك عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَدْيُونًا حِين دُبِّرَ وَمِثْله يَجُوز إِبْطَال تَدْبِيره عِنْدهمْ ، وَأَمَّا الشَّافِعِيّ وَمَنْ وَافَقَهُ فَأَخَذُوا بِظَاهِرِ الْحَدِيث وَجَوَّزُوا بَيْع الْمُدَبَّر مُطْلَقًا
( ثُمَّ قَالَ )
: النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلِ الْأَنْصَارِيّ الْمُدَبِّر بِكَسْرِ الْبَاء
( أَحَدكُمْ فَقِيرًا )
: أَيْ لَا مَال لَهُ وَلَا كَسْب يَقَع مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَته
( فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ )
: أَيْ فَلْيُقَدِّمْ نَفْسه بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِمَّا آتَاهُ اللَّه تَعَالَى قَبْل التَّصَدُّق عَلَى الْفُقَرَاء
( فَإِنْ كَانَ فِيهَا )
: أَيْ فِي الْأَمْوَال بَعْد الْإِنْفَاق عَلَى نَفْسه
( فَضْل )
: بِسُكُونِ الضَّاد أَيْ زِيَادَة وَالْمَعْنَى فَإِنْ فَضَلَ بَعْد كِفَايَة مُؤْنَة نَفْسه فَضْلَة
( فَعَلَى عِيَاله )
: أَيْ الَّذِينَ يَعُولهُمْ وَتَلْزَمهُ نَفَقَتهمْ
( فَهَاهُنَا وَهَاهُنَا )
: أَيْ فَيَرُدّهُ عَلَى مَنْ عَنْ يَمِينه وَيَسَاره وَأَمَامه وَخَلْفه مِنْ الْفُقَرَاء يُقَدِّم الْأَحْوَج فَالْأَحْوَج وَيُعْتِق وَيُدَبِّر يَفْعَل مَا يَشَاء .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ .@

الصفحة 499