كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 10)
يَحْيَى كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ يَحْيَى بْن عِمَارَة
( فِي حَرِيم نَخْلَة )
: أَيْ فِي أَرْض حَوْل النَّخْلَة قَرِيبًا مِنْهَا .
قَالَهُ اِبْن الْأَثِير فِي جَامِع الْأُصُول .
قَالَ أَصْحَاب اللُّغَة : الْحَرِيم هُوَ كُلّ مَوْضِع تَلْزَم حِمَايَته ، وَحَرِيم الْبِئْر وَغَيْرهَا مَا حَوْلهَا مِنْ حُقُوقهَا وَمَرَافِقهَا ، وَحَرِيم الدَّار مَا أُضِيفَ إِلَيْهَا . وَكَانَ مِنْ حُقُوقهَا
( فِي حَدِيث أَحَدهمَا )
: أَيْ أَبِي طُوَالَة أَوْ عَمْرو بْن يَحْيَى
( فَأَمَرَ )
: النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( بِهَا )
: أَيْ بِالنَّخْلَةِ ، يُشْبِه أَنْ يَكُون الْمَعْنَى أَنْ يُذْرَع طُول النَّخْلَة وَقَامَتهَا بِالذِّرَاعِ وَالسَّاعِد ، وَسَيَجِيءُ تَفْسِير عَبْد الْعَزِيز الرَّاوِي لِهَذَا اللَّفْظ
( فَذُرِعَتْ )
: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول أَيْ تِلْكَ النَّخْلَة يَعْنِي قَامَتهَا
( فَوُجِدَتْ )
: قَامَتهَا
( سَبْعَة أَذْرُع )
: أَيْ مِنْ ذِرَاع الْإِنْسَان
( فَقَضَى )
: النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( بِذَلِكَ )
: أَيْ بِأَنْ يَكُون حَرِيم شَجَر النَّخْلَة عَلَى قَدْر قَامَتهَا فَإِنْ كَانَتْ النَّخْلَة سَبْعَة أَذْرُع يَكُون حَرِيمهَا أَيْ مَا حَوَالَيْهَا سَبْعَة أَذْرُع وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَة أَذْرُع يَكُون حَرِيمهَا مِثْلهَا . وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ سَبْعَة أَذْرُع يَكُون حَرِيمهَا مِثْله فِي الْقِلَّة ، فَلَا يَجُوز لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَى شَيْء مِنْ حَرِيمهَا وَإِنْ قَلَّ ، وَلَكِنْ لَهُ عِمَارَة أَوْ غَيْرهَا بَعْد حَرِيمهَا ، وَكَذَلِكَ الْحُكْم لِكُلِّ شَجَر مِنْ الْأَشْجَار ، فَيَكُون حَرِيمه بِقَدْرِ قَامَته .
وَأَخْرَجَ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَدَ فِي زَوَائِد الْمُسْنَد وَأَبُو عَوَانَة وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِير عَنْ عُبَادَةَ بْن الصَّامِت قَالَ " قَضَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّحَبَة يَكُون مِنْ الطَّرِيق ثُمَّ يُرِيد أَهْلهَا الْبُنْيَان فِيهَا فَقَضَى أَنْ يُتْرَك لِلطَّرِيقِ مِنْهَا سَبْعَة أَذْرُع@
الصفحة 70