كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 10)

وَأَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْره عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه عَنْ أَخِيهِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَة يَقُول لَيْسَ أَحَد مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْد اللَّه عَمْرو فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُب وَلَا أَكْتُب .
3162 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فَسَأَلَهُ )
: أَيْ سَأَلَ زَيْد مُعَاوِيَة
( فَأَمَرَ )
: مُعَاوِيَة
( أُمِرْنَا أَنْ لَا نَكْتُب )
.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُشْبِه أَنْ يَكُون النَّهْي مُتَقَدِّمًا وَآخِر الْأَمْرَيْنِ الْإِبَاحَة . وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ إِنَّمَا نَهَى أَنْ يُكْتَبَ الْحَدِيثُ مَعَ الْقُرْآن فِي صَحِيفَة وَاحِدَة لِئَلَّا يَخْتَلِط بِهِ وَيَشْتَبِه اِنْتَهَى . قَالَ عَلِيّ الْقَارِي : فَأَمَّا أَنْ يَكُون نَفْس الْكِتَاب مَحْظُورًا فَلَا ، وَقَدْ أَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّته بِالتَّبْلِيغِ وَقَالَ لِيُبَلِّغْ الشَّاهِد الْغَائِب ، فَإِذَا لَمْ يُقَيِّدُوا مَا يَسْمَعُونَهُ مِنْهُ تَعَذَّرَ التَّبْلِيغ وَلَمْ يُؤْمَن ذَهَاب الْعِلْم وَأَنْ يَسْقُط أَكْثَرُ الْحَدِيث فَلَا يَبْلُغ آخِرَ الْقُرُون مِنْ الْأُمَّة وَلَمْ يُنْكِرهَا أَحَد مِنْ عُلَمَاء السَّلَف وَالْخَلَف ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى جَوَاز كِتَابَة الْحَدِيث وَالْعِلْم وَاَللَّه أَعْلَمُ اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : فِي إِسْنَاده كَثِير بْن زَيْد الْأَسْلَمِيّ مَوْلَاهُمْ الْمُزَنِيّ وَفِيهِ مَقَال . وَالْمُطَّلِب بْن عَبْد اللَّه بْن حِنْطَب قَدْ وَثَّقَهُ غَيْر وَاحِد ، وَقَالَ مُحَمَّد بْن سَعْد كَانَ كَثِير الْحَدِيث وَلَيْسَ يُحْتَجّ بِحَدِيثِهِ لِأَنَّهُ يُرْسِل عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ لَهُ لُقًا ، وَعَامَّة أَصْحَابه يُدَلِّسُونَ . هَذَا آخِر كَلَامه . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ عُمَرَ وَ أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ رَوَى عَنْهُ ، وَالظَّاهِر أَنَّهُمَا اِثْنَانِ ، لِأَنَّ الرَّاوِيَ عَنْ عُمَر لَمْ يُدْرِكْهُ الْأَوْزَاعِيُّ . وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِم فِي الصَّحِيح مِنْ حَدِيث أَبَى سَعِيد الْخُدْرِيِّ أَنَّ @

الصفحة 80