كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 10)

وَأَمَّا مَنْ أَكْثَرَ مِنْهُمْ فَمَحْمُول عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا وَاثِقِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ بِالتَّثْبِيتِ أَوْ طَالَتْ أَعْمَارهمْ فَاحْتِيجَ إِلَى مَا عِنْدهمْ فَسُئِلُوا فَلَمْ يُمْكِنهُمْ الْكِتْمَان ، قَالَهُ فِي الْفَتْح وَقَالَ الْعَيْنِيّ : " مَنْ " مَوْصُولَة تَتَضَمَّن مَعْنَى الشَّرْط " وَكَذَبَ عَلَيَّ " صِلَتهَا ، وَقَوْله " فَلْيَتَبَوَّأْ " جَوَاب الشَّرْط فَلِذَلِكَ دَخَلَتْهُ الْفَاء
( فَلْيَتَبَوَّأْ )
: بِكَسْرِ اللَّام هُوَ الْأَصْل وَبِالسُّكُونِ هُوَ الْمَشْهُور وَهُوَ أَمْر مِنْ التَّبَوُّء وَهُوَ اِتِّخَاذ الْمَبَاءَة أَيْ الْمَنْزِل ، يُقَال تَبَوَّأَ الرَّجُل الْمَكَان إِذَا اِتَّخَذَهُ مَوْضِعًا لِمَقَامِهِ .
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : تَبَوَّأَ بِالْمَكَانِ أَصْله مِنْ مَبَاءَة الْإِبِل وَهِيَ أَعْطَانهَا وَظَاهِره أَمْر وَمَعْنَاهُ خَبَر ، يُرِيد أَنَّ اللَّه تَعَالَى يُبَوِّئُهُ مَقْعَده مِنْ النَّار ، قَالَهُ الْعَيْنِيّ
( مَقْعَده )
: هُوَ مَفْعُول لِيَتَبَوَّأ ، وَكَلِمَة مِنْ " مِنْ النَّار " بَيَانِيَّة أَوْ اِبْتِدَائِيَّة . قَالَ جَمَاعَة مِنْ الْحُفَّاظ : إِنَّ حَدِيث مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فِي غَايَة الصِّحَّة وَنِهَايَة الْقُوَّة حَتَّى أُطْلِقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَوَاتِرٌ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ ، وَلَيْسَ فِي حَدِيث الْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيِّ مُتَعَمِّدًا وَالْمَحْفُوظ مِنْ حَدِيث الزُّبَيْر أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مُتَعَمِّدًا . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الزُّبَيْر أَنَّهُ قَالَ وَاَللَّه مَا قَالَ مُتَعَمِّدًا وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ مُتَعَمِّدًا .
3167 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( مَنْ قَالَ )
: أَيْ مَنْ تَكَلَّمَ
( فِي كِتَاب اللَّه )
: أَيْ فِي لَفْظه أَوْ مَعْنَاهُ
( بِرَأْيِهِ )@

الصفحة 84