كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 10)
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ مُطَوَّلًا فِي غَزْوَة خَيْبَر . وَقَوْله هَذَا لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ اِنْتَهَى .
3177 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : لَيْسَ مَعْنَاهُ إِبَاحَة الْكَذِب فِي أَخْبَار بَنِي إِسْرَائِيل ، وَرَفْع الْحَرَج عَمَّنْ نَقَلَ عَنْهُمْ الْكَذِب ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ الرُّخْصَة فِي الْحَدِيث عَنْهُمْ عَلَى مَعْنَى الْبَلَاغ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّق صِحَّة ذَلِكَ بِنَقْلِ الْإِسْنَاد وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمْر قَدْ تَعَذَّرَ فِي أَخْبَارهمْ لِبُعْدِ الْمَسَافَة وَطُول الْمُدَّة وَوُقُوع الْفَتْرَة بَيْن زَمَانَيْ النُّبُوَّة وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْحَدِيث لَا يَجُوز عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِنَقْلِ الْإِسْنَاد وَالتَّثَبُّت فِيهِ
( وَلَا حَرَج )
: أَيْ لَا ضِيق عَلَيْكُمْ فِي الْحَدِيث عَنْهُمْ لِأَنَّهُ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّجْر عَنْ الْأَخْذ عَنْهُمْ وَالنَّظَر فِي كُتُبهمْ ثُمَّ حَصَلَ التَّوَسُّع فِي ذَلِكَ ، وَكَانَ النَّهْي وَقَعَ قَبْل اِسْتِقْرَار الْأَحْكَام الْإِسْلَامِيَّة وَالْقَوَاعِد الدِّينِيَّة خَشْيَة الْفِتْنَة ، ثُمَّ لَمَّا زَالَ الْمَحْذُور وَقَعَ الْإِذْن فِي ذَلِكَ لِمَا فِي سَمَاع الْأَخْبَار الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَانهمْ مِنْ الِاعْتِبَار . وَقِيلَ مَعْنَى قَوْله " لَا حَرَج " لَا تَضِيق صُدُوركُمْ بِمَا تَسْمَعُونَهُ عَنْهُمْ مِنْ الْأَعَاجِيب ، فَإِنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَهُمْ كَثِيرًا . وَقِيلَ " لَا حَرَج " فِي أَنْ لَا تُحَدِّثُوا عَنْهُمْ ، لِأَنَّ قَوْله أَوَّلًا حَدِّثُوا صِيغَة أَمْر تَقْتَضِي الْوُجُوب ، فَأَشَارَ إِلَى عَدَم الْوُجُوب وَأَنَّ الْأَمْر فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ بِقَوْلِهِ " وَلَا حَرَج " أَيْ فِي تَرْك التَّحْدِيث عَنْهُمْ . وَقَالَ مَالِك : الْمُرَاد جَوَاز التَّحَدُّث عَنْهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ@
الصفحة 96