كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)
هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاق لَهُ فِي الْآخِرَة " كَمَا مَرَّ فِي حَدِيث عُمَر وَقَدْ رَأَى عَلِيٌّ الْغَضَب فِي وَجْهه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين أَتَاهُ لَابِسًا لَهَا كَمَا سَلَف فِي حَدِيث عَلِيّ ، فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى تَحْرِيم الْمُخْتَلِط ؛ لِأَنَّ السِّيَرَاء عِنْد أَهْل اللُّغَة هِيَ الَّتِي يُخَالِطهَا الْحَرِير .
قُلْت : قَالَ الْحَافِظ الَّذِي يَتَبَيَّن أَنَّ السِّيَرَاء قَدْ تَكُون حَرِيرًا صِرْفًا وَقَدْ تَكُون غَيْر مَحْض ، فَاَلَّتِي فِي قِصَّة عُمَر جَاءَ التَّصْرِيح بِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ حَرِير مَحْض ، وَلِهَذَا وَقَعَ فِي حَدِيثه " إِنَّمَا يَلْبَس هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاق لَهُ " وَاَلَّتِي فِي قِصَّة عَلِيّ لَمْ تَكُنْ حَرِيرًا صِرْفًا ، لِمَا رَوَى اِبْن أَبِي شَيْبَة عَنْ عَلِيّ قَالَ أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّة مُسَيَّرَة بِحَرِيرٍ إِمَّا سَدَاهَا أَوْ لَحْمَتهَا فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيَّ فَقُلْت مَا أَصْنَع بِهَا أَلْبَسهَا قَالَ لَا أَرْضَى لَك إِلَّا مَا أَرْضَى لِنَفْسِي وَلَكِنْ اِجْعَلْهَا خُمُرًا بَيْن الْفَوَاطِم قَالَ وَلَمْ يَقَع فِي قِصَّة عَلِيّ وَعِيد عَلَى لُبْسهَا كَمَا وَقَعَ فِي قِصَّة عُمَر ، بَلْ لَا أَرْضَى لَك إِلَّا مَا أَرْضَى لِنَفْسِي . قَالَ وَلَا رَيْب أَنَّ تَرْك لُبْس مَا خَالَطَهُ الْحَرِير أَوْلَى مِنْ لُبْسه عِنْد مَنْ يَقُول بِجَوَازِهِ اِنْتَهَى كَلَام الْحَافِظ مُلَخَّصًا .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : فِي إِسْنَاده خُصَيْفُ بْن عَبْد الرَّحْمَن ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْر وَاحِد اِنْتَهَى كَلَام الْمُنْذِرِيِّ .
قُلْت : وَفِي التَّقْرِيب مَا لَفْظه صَدُوق سَيِّئ الْحِفْظ خَلَطَ بِآخِرِهِ ، وَرُمِيَ بِالْإِرْجَاءِ اِنْتَهَى .
وَفِي الْخُلَاصَة : ضَعَّفَهُ أَحْمَد وَوَثَّقَهُ اِبْن مَعِين وَأَبُو زُرْعَة ، وَقَالَ اِبْن عَدِيّ إِذَا حَدَّثَ عَنْهُ ثِقَة فَلَا بَأْس بِهِ اِنْتَهَى .
وَقَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَن ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِم بِسَنَدٍ صَحِيح .@
الصفحة 105