كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)

3472 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فِي عَيْنٍ حَمِئَة )
: بِكَسْرِ الْمِيم وَفَتْح الْهَمْزَة أَيْ ذَات حَمْأَة وَهِيَ الطِّينَة السَّوْدَاء وَسَأَلَ مُعَاوِيَة كَعْبًا كَيْف تَجِد فِي التَّوْرَاة تَغْرُب الشَّمْس وَأَيْنَ تَغْرُب ؟ قَالَ نَجِد فِي التَّوْرَاة أَنَّهَا تَغْرُب فِي مَاء وَطِين . وَقِيلَ يَجُوز أَنْ يَكُون مَعْنَى ( فِي عَيْن حَمِئَة ) : أَيْ عِنْدهَا عَيْن حَمِئَة أَوْ فِي رَأْي الْعَيْن ، وَذَلِكَ أَنَّهُ بَلَغَ مَوْضِعًا مِنْ الْمَغْرِب لَمْ يَبْقَ بَعْده شَيْء مِنْ الْعُمْرَانِ فَوَجَدَ الشَّمْس كَأَنَّهَا تَغْرُب فِي وَهْدَة مُظْلِمَة كَمَا أَنَّ رَاكِب الْبَحْر يَرَى أَنَّ الشَّمْس كَأَنَّهَا تَغِيب فِي الْبَحْر قَالَهُ الْخَازِن .
وَفِي الْبَيْضَاوِيّ ( فِي عَيْن حَمِئَة ) : أَيْ ذَات حَمْأَة مِنْ حَمِيَتْ الْبِئْر إِذَا صَارَتْ ذَات حَمْأَة .
وَقَرَأَ اِبْن عَامِر وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ وَأَبُو بَكْر حَامِيَة أَيْ حَارَّة ، وَلَا تَنَافِي بَيْنهمَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُون الْعَيْن جَامِعَة لِلْوَصْفَيْنِ أَوْ حَمِئَة عَلَى أَنَّ يَاءَهَا مَقْلُوبَة مِنْ الْهَمْزَة بِكَسْرِ مَا قَبْلهَا
( مُخَفَّفَة )
: أَيْ بِحَذْفِ الْأَلِف بَعْد الْحَاء أَيْ لَا حَامِيَة كَمَا فِي قِرَاءَة .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نَعْرِفهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْه وَالصَّحِيح مَا رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس قِرَاءَته .
وَيُرْوَى أَنَّ اِبْن عَبَّاس وَعَمْرو بْن الْعَاصِ اِخْتَلَفَا فِي قِرَاءَة هَذِهِ الْآيَة وَارْتَفَعَا إِلَى كَعْب الْأَحْبَار فِي ذَلِكَ ، فَلَوْ كَانَتْ عِنْده رِوَايَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَاسْتَغْنَى بِرِوَايَتِهِ وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى كَعْب اِنْتَهَى .@

الصفحة 16