كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)

( قَالَتْ قِرَاءَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
: أَيْ فِي سُورَة الزُّمَر
( بَلَى قَدْ جَاءَتْك )
: بِكَسْرِ الْكَاف
( آيَاتِي )
: أَيْ الْقُرْآن
( فَكَذَّبْت بِهَا )
: بِكَسْرِ التَّاء وَقُلْت إِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ اللَّه تَعَالَى
( وَاسْتَكْبَرْت )
بِكَسْرِ التَّاء أَيْ تَكَبَّرْت عَنْ الْإِيمَان بِهَا
( وَكُنْت مِنْ الْكَافِرِينَ )
: بِكَسْرِ التَّاء كَمَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى خِطَاب النَّفْس . وَالْمَعْنَى كَأَنَّهُ يَقُول بَلَى قَدْ جَاءَتْك آيَاتِي وَبَيَّنْت لَك الْهِدَايَة مِنْ الْغِوَايَة وَسَبِيل الْحَقّ مِنْ الْبَاطِل وَمَكَّنْتُك مِنْ اِخْتِيَار الْهِدَايَة عَلَى الْغِوَايَة وَاخْتِيَار الْحَقّ عَلَى الْبَاطِل ، وَلَكِنْ تَرَكْت ذَلِكَ وَضَيَّعْته وَاسْتَكْبَرْت عَنْ قَبُوله وَآثَرْت الضَّلَالَة عَلَى الْهُدَى وَاشْتَغَلْت بِضِدِّ مَا أُمِرْت بِهِ ، فَإِنَّمَا جَاءَ التَّضْيِيع مِنْ قِبَلِك فَلَا عُذْر لَك قَالَهُ النَّسَفِيُّ .
وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ : وَتَذْكِير الْخِطَاب عَلَى الْمَعْنَى وَقُرِئَ بِالتَّأْنِيثِ لِلنَّفْسِ اِنْتَهَى وَأَخْرَجَ عَبْد بْن حُمَيْدٍ عَنْ عَاصِم أَنَّهُ قَرَأَ { بَلَى قَدْ جَاءَتْك آيَاتِي } : بِنَصْبِ الْكَاف { فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ } : بِنَصْبِ التَّاء فِيهِنَّ كُلّهنَّ اِنْتَهَى . وَقَالَ شَيْخ شَيْخنَا السَّيِّد مَحْمُود الْآلُوسِيّ فِي تَفْسِيره رُوح الْمَعَانِي : وَتَذْكِير الْخِطَاب فِي جَاءَتْك عَلَى الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمُرَاد بِالنَّفْسِ الشَّخْص وَإِنَّ لَفْظهَا مُؤَنَّث سَمَاعِيّ وَقَرَأَ اِبْن يَعْمُر وَالْجَحْدَرِيُّ وَأَبُو حَيْوَةَ وَالزَّعْفَرَانِيّ وَابْن مِقْسَم وَمَسْعُود بْن صَالِح وَالشَّافِعِيّ عَنْ اِبْن كَثِير وَمُحَمَّد بْن عِيسَى فِي اِخْتِيَاره وَالْعَبْسِيّ جَاءَتْك إِلَخْ بِكَسْرِ الْكَاف وَالتَّاء وَهِيَ قِرَاءَة أَبِي بَكْر الصِّدِّيق وَابْنَته عَائِشَة وَرَوَتْهَا أُمّ سَلَمَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَرَأَ الْحَسَن وَالْأَعْمَش وَالْأَعْرَج جَاءَتْك بِالْهَمْزَةِ مِنْ غَيْر مَدّ بِوَزْنِ فَعَتْك وَهُوَ عَلَى مَا قَالَ أَبُو حَيَّانِ مَقْلُوب مِنْ جَاءَتْك @

الصفحة 21