كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)

أَنَّ قَائِله أَبُو عَلْقَمَة يَقُول فِي عِلْمِي أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيث مَرْفُوعًا لَا مَوْقُوفًا عَلَيْهِ
( إِنَّ اللَّه يَبْعَث لِهَذِهِ الْأُمَّة )
: أَيْ أُمَّة الْإِجَابَة ، وَيَحْتَمِل أُمَّة الدَّعْوَة قَالَهُ الْقَارِي
( عَلَى رَأْس كُلّ مِائَة سَنَة )
: أَيْ اِنْتِهَائِهِ أَوْ اِبْتِدَائِهِ إِذَا قَلَّ الْعِلْم وَالسُّنَّة وَكَثُرَ الْجَهْل وَالْبِدْعَة . قَالَهُ الْقَارِي . وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي مُقَدِّمَة فَتْح الْقَدِير : وَاخْتُلِفَ فِي رَأْس الْمِائَة هَلْ يُعْتَبَر مِنْ الْمَوْلِد النَّبَوِيّ أَوْ الْبَعْثَة أَوْ الْهِجْرَة أَوْ الْوَفَاة وَلَوْ قِيلَ بِأَقْرَبِيَّة الثَّانِي لَمْ يَبْعُد ، لَكِنْ صَنِيع السُّبْكِيّ وَغَيْره مُصَرِّح بِأَنَّ الْمُرَاد الثَّالِث اِنْتَهَى
( مَنْ يُجَدِّد )
: مَفْعُول يَبْعَث
( لَهَا )
: أَيْ لِهَذِهِ الْأُمَّة
( دِينهَا )
: أَيْ يُبَيِّن السُّنَّة مِنْ الْبِدْعَة وَيُكْثِر الْعِلْم وَيَنْصُر أَهْله وَيَكْسِر أَهْل الْبِدْعَة وَيُذِلّهُمْ .
قَالُوا : وَلَا يَكُون إِلَّا عَالِمًا بِالْعُلُومِ الدِّينِيَّة الظَّاهِرَة وَالْبَاطِنَة . قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ فِي فَتْح الْقَدِير شَرْح الْجَامِع الصَّغِير .
وَقَالَ الْعَلْقَمِيّ فِي شَرْحه . مَعْنَى التَّجْدِيد إِحْيَاء مَا اِنْدَرَسَ مِنْ الْعَمَل بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّة وَالْأَمْر بِمُقْتَضَاهُمَا .
( تَنْبِيه ) : اِعْلَمْ أَنَّ الْمُرَاد مِنْ رَأْس الْمِائَة فِي هَذَا الْحَدِيث آخِرهَا . قَالَ فِي مَجْمَع الْبِحَار : وَالْمُرَاد مَنْ اِنْقَضَتْ الْمِائَة وَهُوَ حَيّ عَالِم مَشْهُور . اِنْتَهَى .
وَقَالَ الطِّيبِيُّ : الْمُرَاد بِالْبَعْثِ مَنْ اِنْقَضَتْ الْمِائَة وَهُوَ حَيّ عَالِم يُشَار إِلَيْهِ . كَذَا فِي مُقَدِّمَة فَتْح الْقَدِير لِلْمُنَاوِيِّ وَخُلَاصَة الْأَثَر لِلْمُحِبِّيّ .
وَقَالَ السُّيُوطِيّ فِي قَصِيدَته فِي الْمُجَدِّدِينَ : وَالشَّرْط فِي ذَلِكَ أَنْ يَمْضِي الْمِائَة وَهُوَ عَلَى حَيَاته بَيْن الْفِئَة يُشَار بِالْعِلْمِ إِلَى مَقَامه وَيَنْشُر السُّنَّة فِي كَلَامه
وَقَالَ فِي مِرْقَاة الصُّعُود نَقْلًا عَنْ اِبْن الْأَثِير : وَإِنَّمَا الْمُرَاد بِالْمَذْكُورِ مَنْ اِنْقَضَتْ الْمِائَة وَهُوَ حَيّ مَعْلُوم مَشْهُور مُشَار إِلَيْهِ . اِنْتَهَى .@

الصفحة 386