كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)

أَوْ غَيْر ذَلِكَ وَمَنْ لَا يَكُون كَذَلِكَ لَا يَكُون مُجَدِّدًا الْبَتَّة وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْعُلُومِ مَشْهُورًا بَيْن النَّاس ، مَرْجِعًا لَهُمْ . فَالْعَجَب كُلّ الْعَجَب مِنْ صَاحِب جَامِع الْأُصُول أَنَّهُ عَدَّ أَبَا جَعْفَر الْإِمَامِيّ الشِّيعِيّ وَالْمُرْتَضَى أَخَا الرِّضَا الْإِمَامِيّ الشِّيعِيّ مِنْ الْمُجَدِّدِينَ حَيْثُ قَالَ الْحَدِيث إِشَارَة إِلَى جَمَاعَة مِنْ الْأَكَابِر : عَلَى رَأْس كُلّ مِائَة ، فَفِي رَأْس الْأُولَى عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز ، إِلَى أَنْ قَالَ : وَعَلَى الثَّالِثَة تَقْتَدِر وَأَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيُّ الْحَنَفِيّ وَأَبُو جَعْفَر الْإِمَامِيّ وَأَبُو الْحَسَن الْأَشْعَرِيّ وَالنَّسَائِيُّ ، وَعَلَى الرَّابِعَة : الْقَادِر بِاَللَّهِ وَأَبُو حَامِد الْإِسْفَرَايِينِي وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد الْخُوَارِزْمِيّ الْحَنَفِيّ وَالْمُرْتَضَى أَخُو الرِّضَا الْإِمَامِيّ ... إِلَخْ . وَقَدْ ذَكَرَهُ الْعَلَّامَة مُحَمَّد طَاهِر فِي مَجْمَع الْبِحَار وَلَمْ يَتَعَرَّض بِذِكْرِ مُسَامَحَته وَلَمْ يُنَبِّه عَلَى خَطَئِهِ . وَلَا شُبْهَة فِي أَنَّ عَدّهمَا مِنْ الْمُجَدِّدِينَ خَطَأ فَاحِش وَغَلَط بَيِّن لِأَنَّ عُلَمَاء الشِّيعَة وَإِنْ وَصَلُوا إِلَى مَرْتَبَة الِاجْتِهَاد وَبَلَغُوا أَقْصَى مَرَاتِب مِنْ أَنْوَاع الْعُلُوم وَاشْتَهَرُوا غَايَة الِاشْتِهَار ، لَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَأْهِلُونَ الْمُجَدِّدِيَّة . كَيْف وَهُمْ يُخَرِّبُونَ الدِّين فَكَيْف يُجَدِّدُونَ ، وَيُمِيتُونَ السُّنَن فَكَيْف يُحْيُونَهَا ، وَيُرَوِّجُونَ الْبِدَع فَكَيْف يَمْحُونَهَا ، وَلَيْسُوا إِلَّا مِنْ الْغَالِينَ الْمُبْطِلِينَ الْجَاهِلِينَ ، وَجُلّ صِنَاعَتهمْ التَّحْرِيف وَالِانْتِحَال وَالتَّأْوِيل ، لَا تَجْدِيد الدِّين وَلَا إِحْيَاء مَا اِنْدَرَسَ مِنْ الْعَمَل بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّة . هَدَاهُمْ اللَّه تَعَالَى إِلَى سَوَاء السَّبِيل .
( تَنْبِيه آخَر ) . وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَم أَنْ يَكُون عَلَى رَأْس كُلّ مِائَة سَنَة مُجَدِّد وَاحِد فَقَطْ ، بَلْ يُمْكِن أَنْ يَكُون أَكْثَر مِنْ وَاحِد . قَالَ الْحَافِظ اِبْن حَجَر فِي تَوَالِي التَّأْسِيس : حَمَلَ بَعْض الْأَئِمَّة مَنْ فِي الْحَدِيث عَلَى أَكْثَر مِنْ الْوَاحِد ، وَهُوَ مُمْكِن بِالنِّسْبَةِ لِلَفْظِ الْحَدِيث الَّذِي سُقْته ، وَكَذَا لَفْظه عِنْد مَنْ أَشَرْت إِلَى أَنَّهُ أَخْرَجَهُ لَكِنَّ الرِّوَايَة عَنْ أَحْمَد تَقَدَّمَتْ بِلَفْظِ@

الصفحة 392