كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)
رَجُل وَهُوَ أَصْرَح فِي رِوَايَة الْوَاحِد مِنْ الرِّوَايَة الَّتِي جَاءَتْ بِلَفْظِ مَنْ لِصَلَاحِيَةِ مَنْ لِلْوَاحِدِ وَمَا فَوْقه ، وَلَكِنْ الَّذِي يَتَعَيَّن فِي مِنْ تَأَخُّر الْحَمْل عَلَى أَكْثَر مِنْ الْوَاحِد ، لِأَنَّ فِي الْحَدِيث إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْمُجَدِّد الْمَذْكُور يَكُون تَجْدِيده عَامًّا فِي جَمِيع أَهْل ذَلِكَ الْعَصْر . وَهَذَا مُمْكِن فِي حَقّ عُمَر بْن عَبْد الْعُزَيْر جِدًّا ثُمَّ الشَّافِعِيّ ، أَمَّا مَنْ جَاءَ بَعْد ذَلِكَ فَلَا يُعْدَم مَنْ يُشَارِكهُ فِي ذَلِكَ . اِنْتَهَى .
وَقَالَ فِي فَتْح الْبَارِي : وَهُوَ ( أَيْ حَمْل الْحَدِيث عَلَى أَكْثَر مِنْ وَاحِد ) : مُتَّجَه ، فَإِنَّ اِجْتِمَاع الصِّفَات الْمُحْتَاج إِلَى تَجْدِيدهَا لَا يَنْحَصِر فِي نَوْع مِنْ أَنْوَاع الْخَيْر ، وَلَا يَلْزَم أَنَّ جَمِيع خِصَال الْخَيْر كُلّهَا فِي شَخْص وَاحِد ، إِلَّا أَنْ يُدَّعَى ذَلِكَ فِي عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز ، فَإِنَّهُ كَانَ الْقَائِم بِالْأَمْرِ عَلَى رَأْس الْمِائَة الْأُولَى بِاتِّصَافِهِ بِجَمِيعِ صِفَات الْخَيْر وَتَقَدُّمه فِيهَا . وَمِنْ ثَمَّ أَطْلَقَ أَحْمَد أَنَّهُمْ كَانُوا يَحْمِلُونَ الْحَدِيث عَلَيْهِ ، وَأَمَّا مَنْ جَاءَ بَعْده فَالشَّافِعِيّ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِالصِّفَاتِ الْجَمِيلَة إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْقَائِم بِأَمْرِ الْجِهَاد وَالْحُكْم بِالْعَدْلِ ، فَعَلَى هَذَا كُلّ مَنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عِنْد رَأْس الْمِائَة هُوَ الْمُرَاد ، سَوَاء تَعَدَّدَ أَمْ لَا . اِنْتَهَى .
تَنْبِيه آخَر : اِعْلَمْ أَنَّهُمْ قَدْ بَيَّنُوا أَسْمَاء الْمُجَدِّدِينَ الْمَاضِينَ ، وَقَدْ صَنَّفَ السُّيُوطِيُّ فِي ذَلِكَ أُرْجُوزَة سَمَّاهَا ( تُحْفَة الْمُهْتَدِينَ بِأَخْبَارِ الْمُجَدِّدِينَ ) : فَنَحْنُ نَذْكُرهَا هَا هُنَا ، وَهَذِهِ هِيَ : الْحَمْد لِلَّهِ الْعَظِيم الْمِنَّة الْمَانِح الْفَضْل لِأَهْلِ السُّنَّة ثُمَّ الصَّلَاة وَالسَّلَام نَلْتَمِس عَلَى نَبِيّ دِينه لَا يَنْدَرِس لَقَدْ أَتَى فِي خَبَر مُشْتَهِر رَوَاهُ كُلّ حَافِظ مُعْتَبِر بِأَنَّهُ فِي رَأْس كُلّ مِائَة يَبْعَث رَبّنَا لِهَذِي الْأُمَّة مَنًّا عَلَيْهَا عَالِمًا يُجَدِّد دِين الْهُدَى لِأَنَّهُ مُجْتَهِد فَكَانَ عِنْد الْمِائَة الْأُولَى عُمَر خَلِيفَة الْعَدْل بِإِجْمَاعِ وَقَر@
الصفحة 393