كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)
الْحَدِيث أَنَّ الْآيَة مُطْلَقَة وَالْحَدِيث مُقَيَّد فَيُحْمَل الْمُطْلَق عَلَى الْمُقَيَّد وَيُجْعَل الْحَدِيث مُخَصِّصًا لِعُمُومِ الْآيَة كَمَا خَصَّ ذَلِكَ فِي حَقّ الْمَجُوس فَإِنَّهُمْ كَفَرَة وَمَعَ ذَلِكَ أَخَذَ مِنْهُمْ الْجِزْيَة لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " سُنُّوا بِهِمْ سُنَّة أَهْل الْكِتَاب " قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّه : وَيُحْتَمَل أَنْ تَكُون الْآيَة نَاسِخَة لِلْحَدِيثِ لِضَعْفِ الْإِسْلَام . وَأَمَّا تَخْصِيص الْحَبَشَة وَالتُّرْك بِالتَّرْكِ وَالْوَدْع فَلِأَنَّ بِلَاد الْحَبَشَة وَغَيْرهم بَيْن الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنهمْ مَهَامِه وَقِفَار فَلَمْ يُكَلِّف الْمُسْلِمِينَ دُخُول دِيَارهمْ لِكَثْرَةِ التَّعَب وَعَظَمَة الْمَشَقَّة وَأَمَّا التُّرْك فَبَأْسهمْ شَدِيد وَبِلَادهمْ بَارِدَة وَالْعَرَب وَهُمْ جُنْد الْإِسْلَام كَانُوا مِنْ الْبِلَاد الْحَارَّة فَلَمْ يُكَلِّفهُمْ دُخُول الْبِلَاد ، فَلِهَذَيْنِ السِّرَّيْنِ خَصَّصَهُمْ ، وَأَمَّا إِذَا دَخَلُوا بِلَاد الْمُسْلِمِينَ قَهْرًا وَالْعِيَاذ بِاَللَّهِ فَلَا يَجُوز لِأَحَدٍ تَرْك الْقِتَال لِأَنَّ الْجِهَاد فِي هَذِهِ الْحَالَة فَرْض عَيْن وَفِي الْأُولَى فَرْض كِفَايَة ذَكَرَهُ الْقَارِي . وَقَالَ : وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى حَيْثُ قَالَ : " مَا تَرَكُوكُمْ " اِنْتَهَى . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَتَمّ مِنْهُ . وَأَبُو سُكَيْنَة هَذَا رَوَى حَدِيثه يَحْيَى بْن أَبِي عَمْرو السَّيْبَانِيّ وَلَمْ أَجِد مَنْ رَوَاهُ غَيْره وَلَا مَنْ سَمَّاهُ .
3749 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( قَوْمًا )
بَدَل مِنْ التُّرْك وَفِي بَعْض النُّسَخ قَوْم بِالرَّفْعِ أَيْ هُمْ قَوْم
( وُجُوههمْ كَالْمَجَانِّ )
: بِفَتْحِ الْمِيم وَتَشْدِيد النُّون جَمْع الْمِجَنّ بِكَسْرِ الْمِيم وَهُوَ التُّرْس
( الْمُطْرَقَة )@
الصفحة 410