كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 11)

جَمِيع النُّسَخ بِالتَّنْوِينِ وَفَكّ الْإِضَافَة فَالْوَجْه أَنَّ قَوْله : يُقَاتِلكُمْ خَبَر مُبْتَدَأ مَحْذُوف أَيْ هُوَ يُقَاتِلكُمْ إِلَخْ وَالْجُمْلَة صِفَة حَدِيث ، وَالْمَعْنَى فِي حَدِيث هُوَ أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيث يُقَاتِلكُمْ
( يَعْنِي التُّرْك )
: تَفْسِير مِنْ الرَّاوِي وَهُوَ الصَّحَابِيّ أَوْ التَّابِعِيّ
( قَالَ )
: أَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( تَسُوقُونَهُمْ )
: مِنْ السَّوْق أَيْ يَصِيرُونَ مَغْلُوبِينَ مَقْهُورِينَ مُنْهَزِمِينَ بِحَيْثُ أَنَّكُمْ تَسُوقُونَهُمْ
( ثَلَاث مِرَار )
: أَيْ مِنْ السَّوْق
( حَتَّى تُلْحِقُوهُمْ )
: مِنْ الْإِلْحَاق أَيْ تُوَصِّلُوهُمْ آخِرًا
( بِجَزِيرَةِ الْعَرَب )
: قِيلَ هِيَ اِسْم لِبِلَادِ الْعَرَب سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِحَاطَةِ الْبِحَار وَالْأَنْهَار بَحْر الْحَبَشَة وَبَحْر فَارِس وَدِجْلَة وَالْفُرَات وَقَالَ مَالِك : هِيَ الْحِجَاز وَالْيَمَامَة وَالْيَمَن وَمَا لَمْ يَبْلُغهُ مُلْك فَارِس وَالرُّوم ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّه وَتَبِعَهُ اِبْن الْمَلَك
( فَيَنْجُو )
: أَيْ يَخْلُص
( مَنْ هَرَبَ مِنْهُمْ )
أَيْ مِنْ التُّرْك
( وَيَهْلِك بَعْض )
: إِمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَخْذِهِ وَإِهْلَاكه وَهُوَ الظَّاهِر
( فَيُصْطَلَمُونَ )
: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول أَيْ يُحْصَدُونَ بِالسَّيْفِ وَيُسْتَأْصَلُونَ مِنْ الصَّلْم وَهُوَ الْقَطْع الْمُسْتَأْصِل .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث يَدُلّ صَرَاحَة عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أُمَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ الَّذِينَ يَسُوقُونَ التُّرْك ثَلَاث مِرَار حَتَّى يُلْحِقُوهُمْ بِجَزِيرَةِ الْعَرَب ، فَفِي السِّيَاق الْأُولَى يَنْجُو مَنْ هَرَبَ مِنْ التُّرْك ، وَفِي الثَّانِيَة يَنْجُو بَعْض مِنْهُمْ وَيَهْلِك بَعْض ، وَفِي الثَّالِثَة يُسْتَأْصَلُونَ .
وَأَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيث الْإِمَام أَحْمَد فِي مُسْنَده وَسِيَاقه مُخَالِف لِسِيَاقِ أَبِي دَاوُدَ ، مُخَالَفَة ظَاهِرَة فَإِنَّ سِيَاق أَحْمَد يَدُلّ صَرَاحَة عَلَى أَنَّ التُّرْك هُمْ الَّذِينَ يَسُوقُونَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاث مِرَار حَتَّى يُلْحِقُوهُمْ بِجَزِيرَةِ الْعَرَب ، فَفِي السِّيَاقَة الْأُولَى يَنْجُو مَنْ هَرَبَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، وَفِي الثَّانِيَة يَنْجُو بَعْض مِنْهُمْ وَيَهْلِك بَعْض ، وَفِي الثَّالِثَة يُسْتَأْصَلُونَ كُلّهمْ . قَالَ أَحْمَد فِي مُسْنَده@

الصفحة 413